للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ تقدم تفسيرها في سور (حم السجدة).

وقوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ﴾ أي: فيما يستقبلون، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، على ما خلفوا، ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: الأعمال سبب لنيل الرحمة لهم وسُبُوغها [١] عليهم.

﴿وَوَصَّينَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)

لما ذكر تعالى في الآية الأولى التوحيدَ له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه - عطف بالوصية بالوالدين، كما هو مقرون في غير ما آية من القرآن، كقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا﴾ وقال: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. وقال هاهنا: ﴿وَوَصَّينَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ﴾ أي: أمرناه بالإحسان إليهما والحنو عليهما.

وقال [٢] أبو داود الطيالسي (٧): حدثنا شعبة، أخبرني سماك بن حرب قال [٣]: سمعت مُصْعب بن سعد يحدث عن سعد قال: قالت أم سعد لسعد [٤]: أليس قد أمر الله بطاعة الوالدين، فلا آكل طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى [٥] تكفر بالله. فامتنعتْ من الطعام والشراب، حتى جعلوا يفتحون [فاها بالعصا] [٦]، ونزلت هذه الآية ﴿وَوَصَّينَا الْإِنْسَانَ


(٧) - مسند الطيالسي (٢٠٨) وقد تقدم تخريجه في سورة النساء (٤٤٧).