للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواه البخاري ومسلم والنسائي، من حديث مالك، به. و [١] كذا قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وعكرمة، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وهلال بن يَسَاف [٢]، والسدي، والثوري، ومالك بن أنس، وابن زيد أنهم كلهم قالوا: إنه عبد الله بن سلام.

وقوله تعالى: ﴿وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيهِ﴾ أي: قالوا عن المؤمنين بالقرآن: لو كان القرآن خيرًا ما سبقنا [٣] هؤلاء إليه. يعنون بلالًا وعمارًا وصُهَيبًا [٤] وخبابًا وأشباههم وأقرانهم من المستضعفين والعبيد والإِماء، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية.

وقد غلطوا في ذلك غلطًا فاحشًا، وأخطئوا خطأ بينًا، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنْ بَينِنَا﴾ أي: يتعجبون: كيف اهتدى هؤلاء دوننا؟ ولهذا قالوا: ﴿لَوْ كَانَ خَيرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيهِ﴾ وأما أهل السنة والجماعة فيقولون [٥] في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة، لأنه لو كان خيرًا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها.

وقوله: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ أي: بالقرآن ﴿فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ أي: كذب. ﴿قَدِيمٌ﴾ أي: مأثور عن الأقدمين، فينتقصون [٦] القرآن وأهله، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله : "بَطَر الحق، وغَمْص [٧] الناس" (٦).

ثم قال: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى﴾، وهو التوراة ﴿إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ﴾، يعني القرآن ﴿مُصَدِّقٌ﴾ أي: لما قبله من الكتب ﴿لِسَانًا عَرَبِيًّا﴾ أي: فصيحًا بينًا واضحًا، ﴿لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾ أي: مشتمل على النّذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين.


= وقوله: (قال: وفيه نزلت: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ القائل هو مالك، كما رجحه الحافظ في فتح الباري (٧/ ١٣٠) وهذا الزيادة موجودة عند البخاري وحده ولم يذكرها مسلم ولا أحمد والنسائي.
(٦) - تقدم تخريجه في تفسير سورة لقمان عند الآية (١٩).