للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلافكم، ونحن منكم برآء، ثم نخبركم أنه [١] سواء دعوتم أو لم تدعوا، لا يستجاب لكم ولا يخفف عنكم؛ ولهذا قالوا: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ أي: إلا في ذهاب، لا يتقبل ولا يستجاب.

﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦)

قد أورد أبو جعفر بن جرير -رحمه الله تعالى- عند قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ سؤالًا فقال: قد عُلِم أن بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد [٢] قتله قومه بالكلية كيحيى وزكريا وشعياء، ومنهم من خرج من بين أظهرهم إما مهاجرًا كإبراهيم، وإما إلى السماء كعيسى، فأين النصرة في الدنيا؟ [ثم أجاب] [٣] عن ذلك بجوابين أحدهما: أن يكون الخبر خرج عامًّا، والمراد به البعض، قال: وهذا سائغ في اللغة.

الثاني: أن يكون المراد بالنصر الانتصار لهم ممن آذاهم، وسواء كان ذلك بحضرتهم أو في غيبتهم أو بعد موتهم، كما فُعِل بقتلة يحيى وزكريا وشعياء، سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماءهم، وقد ذكر أن النمروذ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وأما الذين راموا صلب المسيح ، من اليهود، فسلط الله عليهم الروم فأهانوهم وأذلوهم، وأظهرهم الله عليهم، ثم قبل يوم القيامة سينزل عيسى ابن مريم إمامًا عادلًا، وحكمًا مقسطًا، فيقتل المسيح الدجال وجنوده من اليهود، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام؛ وهذه نصرة عظيمة، وهذه سنة الله في خلقه في قديم الدهر وحديثه، أنه ينصر عباده المؤمنين في الدنيا، ويقر أعينهم ممن آذاهم، ففي صحيح البخاري (٤٩) عن أبي هريرة -


(٤٩) - تقدم تخريجه (سورة البقرة / آية: ٩٨).