للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٧)

يقول تعالى عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها، كما قال تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، وسيأتي بيان أن هذه مسافة ما بين العرش إلى الأرض السابعة، في قول جماعة من السلف والخلف، وهو الأرجح إن شاء الله. وقد ذكر غير واحد: أن العرش من يقوتة حمراء، اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة. وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة. وقد تقدم في حديث "الأوعال" (٢٤) ما يدل على ارتفاعه عن [١] السماوات السبع بشيء عظيم.

وقوله: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾، كقوله تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاتَّقُونِ﴾.

وكقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ ولهذا قال: ﴿لِيُنْذِرَ [٢] يَوْمَ التَّلَاقِ﴾، قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عبَّاس: يوم التلاق: اسم من أسماء يوم القيامة، حذر منه عباده.

وقال ابن جريج: قال ابن عبَّاس: يلتقى فيه آدم وآخر ولده.

وقال ابن زيد: يلتقي فيه العباد.

وقال قتادة، والسدي، وبلال بن سعد، وسفيان بن عيينة: يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض.

وقال قتادة أيضًا: يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، والخالق والخلق.

وقال ميمون بن مهران: يلتقي الظالم والمظلوم.

وقد يقال: إن يوم القيامة هو يشمل هذا كله، ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر. كما قاله آخرون.

وقوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ أي: ظاهرون بادون كلهم، لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا


(٢٤) - تقدم تخريجه (رقم ١٨).