للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: ﴿وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قال: شيطانًا يقال له: آصف. فقال له سليمان: كيف تفتنون الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك. فلما أعطاه إيا [١] نبذه آصف في البحر، فساح سليمان وذهب ملكه، وقعد آصف علي كرسيه، ومنعه الله نساء سليمان، فلم يقربهن ولم يقربنه وأنكرْنَه. قال: فكان [٢] سليمان يستطعم، فيقول: أتعرفوني؟ أطعموني، أنا سليمان. فيكذبونه، حتى أعطته امرأة يومًا حوتًا فجعل يطيّبُ بطنه، فوجد خاتمه في بطنه، فرجع إليه ملكه، وفر آصف، فدخل البحر فارًّا.

وهذه كلها من الإسرائيليات ومن أنكرِها ما قال ابن أبي حاتم (٢٤): حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن العلاء، وعثمان بن أبي شيبة، وعلي بن محمد؛ قالوا: حدثنا أبو معاوية، أخبرنا الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾ قال: أراد سليمان أن يدخل الخلاء، فأعطي الجرادة خاتمه [٣]- وكانت الجرادة امرأته، وكانت أحب نسائه إليه- فجاء الشيطان في صورة سليمان، فقال لها: هاتي خاتمي. فأعطته إياه [٤]. فلما لبسه [٥] دانت له الإنس والجن والشياطين، فلما خرج سليمان من الخلاء قال لها: هاتي خاتمي. قالت: قد [٦] أعطيته سليمان! [قال: أنا سليمان. قالت] [٧]: كذبت، لست سليمان. فجعل لا يأتي أحدًا فيقول له: أنا سليمان، إلا كذبه، حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة. فلما رأي ذلك عرَف أنه من أمر الله ﷿. قال: وقام الشيطان يحكم بين الناس، فلما أراد الله أن يرد علي سليمان سلطانه، ألقي في قلوب الناس إنكار ذلك الشيطان، قال: فأرسلوا إلي نساء سليمان فقالوا لهن: أتنكرن [٨] من سليمان شيئًا؟ قلن: نعم، إنه يأتينا ونحن حُيَّض، وما كان يأتينا قبل ذلك. فلما رأي الشيطان أنْ قد فُطِن له، ظن أن أمره قد انقطع، فكتبوا كتبًا فيها سحر وكفر، فدفنوها تحت كرسي سليمان، ثم أثاروها وقرءوها علي الناس. وقالوا: بهذا كان يظهر سليمان علي الناس. فأكفر الناسُ سليمانَ فلم يزالوا يكفرونه، وبحث ذلك الشيطانُ بالخاتم فطرحه في البحر، فتلقته سمكة فأخذته. وكان سليمان بحمل علي شط البحر بالأجر، فجاء رجل فاشتري سمكًا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فدعا سليمان فقال: تحمل لي [٩] هذا السمك؟ فقال: نعم. قال: فبكم [١٠]؟ قال: بسمكة من هذا السمك. قال: فحمل سليمان السمك، ثم انطلق به إلي منزله، فلما انتهي الرجل إلي بابه أعطاه


(٢٤) - عزاه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥٨٠) أيضًا إلي النسائي وابن جرير.