للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يستقبله جني ولا طير إلا سجد له، حتى انتهي إليهم، ﴿وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قال: هو الشيطان صخر.

وقال السدي: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيمَانَ﴾ أي: ابتلينا سليمان، ﴿وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قال: [جلس الشيطان] [١] علي كرسيه أربعين يومًا. قال: وكان لسليمان مائة امرأة، وكانت امرأة منهن يقال لها: "جرادة"، وهي آثَرُ نسائه وآمَنُهُنَّ عنده، وكان إذا أجنب أو أتي حاجة نزع خاتمه، ولم يَأَتَمِنْ عليه أحدًا من الناس غيرها، فأعطاها يومًا خاتمه ودخل الخلاء، فخرج الشيطان في صورته، فقال: هاتي الخاتم. فأعطته الخاتم، فجاء حتى جلس علي مجلس سليمان، وخرج سليمان بعد ذلك [٢] فسألها أن تعطيه خاتمه، فقالت: ألم تأخذه قبل؟ قال: لا. وخرج مكانه تائهًا. قال: ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يومًا، قال: فأنكر الناس أحكامه، فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم، فجاءوا حتى دخلوا علي نسائه، فقالوا: إنا قد أنكرنا هذا، فإن كان سليمان فقد ذهب عقله وأنكرنا أحكامه. قال: فبكي النساء عند ذلك، قال: فأقبلوا يمشون حتى أتوا، فأحدقوا به ثم نشروا فقرءوا التوراة. قال: فطار من بين أيديهم حتى وقع علي شرفة، والخاتم معه. ثم طار حتى ذهب إلي البحر، فوقع الخاتم منه في البحر، فابتلعه حوت من حيتان البحر. قال: وأقبل سليمان في حاله التي كان فيها، حتى انتهي إلي صياد من صيادي [٣] البحر، وهو جائع، وقد اشتد جوعه، فاستطعمهم من صيدهم، وقال: إني أنا سليمان. فقام إليه بعضهم [فضربه بعصا] [٤] فشجَّه، فجعل يغسل دمه وهو علي شاطئ البحر، فلام الصيادون صاحبَهم الذي ضربه، وقالوا. بئس ما صنعت. حيث ضربته! قال: إنه زعم أنه سليمان. قال: فأعطوه سمكتين مما قد مَذر عندهم، فلم يشغله ما كان به من الضرب حتى قام إلي شط البحر، فشق بطونهما، فجعل يغسل، فوجد خاتمه في بطن إحداهما، فأخذه فلبسه، فرد الله عليه بهاءه وملكه، وجاءت الطير حتى حامت عليه، فعرف القوم أنه سليمان فقام القوم يعتذرون مما صنعوا، فقال: ما أحدكم علي عذركم، ولا ألومكم علي ما كان منكم، كان هذا الأمر لا بد منه. قال: فجاء حتى أتي [٥] ملكه، وأرسل إلي الشيطان، فجيء به فأمر به، فجعل في صندوق من حديد، ثم أطبق عليه، وقفل عليه بقفل، وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر، فهو فيه حتى تقوم الساعة. وكان اسمه حبقيق. قال: وسخر له الريح، ولم تكن سخرت له قبل ذلك، وهو قوله: ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.


[١]- ما بين المعكوفتين في ز: "الشيطان جلس".
[٢]- سقط من: خ، ز.
[٣]- في ز: "صيادين.
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "بعصا فضربه".
[٥]- سقط من: ز.