للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فأخذها سليمان فشق بطنها، فإذا الخاتم في جوفها، فأخذه فلبسه. قال: فلما لبسه دانت له الجن والإِنس والشياطين، وعاد إلي حاله، وهَرَب الشيطان حتى دخل جزيرة من جزائر البحر، فأرسل سليمان في طلبه، وكان شيطانًا مريدًا، فجعلوا يطلبونه ولا يقدرون عليه، حتى وجدوه يومًا نائمًا، فجاءوا فبنوا عليه بنيانًا من رصاص، فاستيقظ فوثب فجعل لا يثب [١] في مكان من البيت إلا انماط معه الرصاص. قال: فأخذوه فأوثقوه، وجاءوا به إلي سليمان، فأمر به فنقر له تخت من، رخام، ثم أدخل في جوفه، ثم سد بالنحاس، ثم أمر به فطرح في البحر، فذلك قوله: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيمَانَ وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤)﴾ قال: يعني الشيطان الذي كان سلط عليه.

إسناده إلي ابن عباس قوي، ولكن الظاهر أنه [مما تلقاه] [٢] ابن عباس -إن صح عنه- من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه؛ ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر النساء، فإن المشهور أن ذلك الجني لم يسلط علي نساء سليمان، بل عصمهن الله منه، تشريفًا وتكريمًا لنبيه وقد رُويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف، كسعيد بن المسيب، وزيد بن أسلم، وجماعة آخرين، وكلها مُتلقَّاة من قصص أهل الكتاب، والله أعلم بالصواب.

وقال يحيى بن أبي عمرو [٣] السيباني [٤]: وجد سليمان خاتمه في عسقلان، فمشي في خرقة [٥] إلي بيت المقدس، تواضعًا لله ﷿. رواه ابن أبي حاتم.

وقد روى ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار [في صفه كرسي سليمان خبرًا عجيبًا، فقال: حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، أخبرني أبو إسحاق المصري، عن كعب الأحبار] [٦]: أنه لما فرغ من حديث "إرم ذات العماد" قال له معاوية: يا أبا إسحاق، أخبرني عن كرسي سليمان بن داود، وما كان عليه؟ ومن أي شيء هو؟ فقال: كان كرسي سليمان من أنياب الفيلة مُفَصّصّا بالدر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ. وقد جُعل له [٧] درجة منها مُفَصّصة [٨] بالدر والياقوت والزبرجد، ثم أمر بالكرسي فحُفّ من جانبيه بالنخل، نخل من ذهب، شماريخها من ياقوت وزبرجد ولؤلؤ. وجعل علي رءوس النخل [التي عن يمين الكرسي طواويس من ذهب، ثم جُعِل علي رءوس النخل التي علي يسار الكرسي نسور من ذهب مقابلة الطواويس. وجعل علي يمين الدرجة الأولى شجرتا صنوبر من


[١]- في خ: "يثيب".
[٢]- ما بين المعكوفتين في خ: "مما تلقى"، وفي ت: "إنما تلقاه".
[٣]- في خ، ز: "عروبة".
[٤]- في ز: "الشيباني".
[٥]- في خ: "جرته".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٧]- سقط من: خ، ز.
[٨]- في ز: "مفصَّصًا".