للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول تعالى: ﴿ولقد فتنا سليمان﴾ أي: اختبرناه بأن سلبناه الملك مرة، ﴿وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾، قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، وغيرهم: يعني شيطانًا. ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ أي: ثم [١] رجع إلى ملكه وسلطانه وأبهته.

قال ابن جرير: وكان اسم ذلك الشيطان صخرًا [٢]. قاله ابن عباس، وقتادة. وقيل: آصف. قاله مجاهد. وقيل: أصروا. قاله مجاهد أيضًا. وقيل: حبقيق. قاله السدي. وقد ذكروا هذه القصة مبسوطة ومختصرة.

وقد قال سعيد بن أبي عَرُوبة: عن قتادة، قال [٣]: أمر سليمان ببناء بيت

المقدس، فقيل له: ابنِه ولا يُسمَعُ [٤] فيه صوت حديد. قال: فطلب ذلك فلم يقدر عليه.

فقيل له: إن شيطانًا في البحر يقال له: "صخر" شبه المارد. قال: فطلبه وكانت عين في البحر يَردُها في كل سبعة أيام مرة، فنُزح ماؤها وجعل فيها خَمْرًا، فجاء يوم ورْده فإذا هو بالخمر، فقال: إنك لشراب طيب، إلا أنك تصبين الحليم وتزيدين الجاهل جهلًا. قال: ثم رجع حتى عَطِشَ عَطَشًا شديدًا، ثم أتاها فقال: إنك لشراب طيب، إلا أنك تصبين الحليم، وتزيدين الجاهل جهلًا. ثم شربها حتى غلبت علي عقله، قال: فأري الخاتم، أو ختم به بين كتفيه فَذَلّ. قال [٥]: وكان ملكه في خاتمه، فأتي به سليمان فقال: إنه قد أمرنا ببناء هذا البيت، فقيل لنا: لا يسمعن [٦] فيه صوت حديد. قال: فأتي ببيض الهدهد فجعل عليه زجاجة، فجاء الهدهد فدار حولها، فجعل يري بعضه ولا يقدر عليه، فذهب فجاء بالماس فوضعه عليه، فقطعها به، حتى أفضى إلى بيضه. فأخذ الماس، فجعلوا يقطعون به الحجارة. وكان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء -أو: الحمام- لم يدخل بخاتمه، فانطلق يومًا إلي الحمام، وذلك الشيطان -صخر- معه، وذلك عند [مقارفة قارف] [٧] فيه بعض نسائه. قال: فدخل الحمام وأعطي الشيطان خاتمه، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، ونُزع ملكُ سليمان منه، وألقيَ على الشيطان شَبَه سليمان. قال: فجاء فقعد علي كرسيه وسريره، وسُلّط علي ملك سليمان كله غير نسائه. قال: فجعل يقضي بينهم، وجعلوا ينكرون منه أشياء، [حتى قالوا: لقد فتن نبي الله] [٨]. وكان فيهم رجل يشبهونه بعمر بن الخطاب في القوة فقال: والله لأجربنه. قال: فقال: يا نبي الله -وهو لا يرى إلا أنه نبي الله- أحدنا تصيبه الجنابة في الليلة الباردة، فيدع الغسل عمدًا حتى تطلع الشمس، أتري عليه بأسًا؟ فقال: لا. قال: فبينا هو كذلك أربعين ليلة حتى وجد نبي الله خاتمه في بطن سمكة، فأقبل فجعل لا


[١]- سقط من خ، ت.
[٢]- في ز: "صخر".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز: "تسمع".
[٥]- سقط من: ز.
[٦]- في ز: "تسمعن".
[٧]- ما بين المعكوفتين في خ: "مقارنة قارن".
[٨]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.