للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾.

﴿قَالُوا يَاوَيلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾؟ يعنون قبورهم التي كانوا يعتقدون في الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها، فلما عاينوا ما كذبوه في محشرهم ﴿قَالُوا يَاوَيلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾، وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم، لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد.

وقال أبي بن كعب، ومجاهد، والحسن، وقتادة: ينامون نومة قبل البعث.

قال قتادة: وذلك بين النفختين.

فلذلك يقولون: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾، فإذا قالوا ذلك أجابهم المؤمنون -قاله غير واحد من السلف-: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾.

وقال الحسن: إنما يجيبهم بذلك الملائكة.

ولا منافاة إذ الجمع ممكن، والله أعلم.

وقال عبد الرحمن بن زيد: الجميع من قول الكفار: ﴿يَاوَيْلَنَا [مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا] [١] هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾.

نقله ابن جرير، واختار الأول، وهو أصح، وذلك كقوله تعالى في الصافات: ﴿وَقَالُوا يَا وَيلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقَال الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

وقوله: ﴿إِنْ كَانَتْ إلا صَيحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَينَا مُحْضَرُونَ﴾، كقوله: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾. وقال: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلًا﴾.

أي: إنما يأمرهم [٢] أمرًا واحدًا، فإذا الجميع محضرون، ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيئًا﴾، أي: من عملها، ﴿وَلَا تُجْزَوْنَ إلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (٥٦) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- في ت: "نأمرهم".