يخبر تعالى عن استبعاد الكفرة لقيام الساعة في قولهم: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾؟ ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾، قال الله تعالى: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إلا صَيحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾، أي: ما ينتظرون إلا صيحة واحدة، وهذه -والله أعلم- نفخة الفزع، ينفخ في الصور نفخة الفزع، والناس في أسواقهم ومعايشهم يختصمون ويتشاجرون على عادتهم، فبينما هم كذلك إذ أمر الله تعالى إسرافيل فنفخ في الصور نفخة يطوّلها وَيمُدّها، فلا يبقى أحد على وجه الأرض إلا أصغى ليتًا، ورفع ليتًا وهي صفحة العنق يتسمع الصوت من قبل السماء. ثم يساق الموجودون من الناس إلى محشر القيامة بالنار، تحيط بهم من جوانبهم، ولهذا قال: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾، أي: على ما يملكونه، الأمر أهم من ذلك، ﴿وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾.
وقد وردت هاهنا أثار وأحاديث ذكرناها في موضع آخر، ثم تكون بعد هذا نفخة الصعق، التي تموت بها الأحياء كلهم ما عدا الحي القيوم، ثم بعد ذلك نفخة البعث.
هذه هي النفخة الثالثة، وهي نفخة البعث والنشور للقيام من الأجداث والقبور، ولهذا قال: ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾، والنسلان هو: المشي [١] السريع، كما قال