للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يخبر تعالى عن أهل الجنة، أنهم يوم القيامة إذا ارتحلوا من العَرَصات فنزلوا في رَوْضات الجنات، أنهم في شُغُل عن غيرهم، بما هم فيه من النعيم المقيم، والفوز العظيم.

قال الحسن البصري، وإسماعيل بن أبي خالد: ﴿فِي شُغُلٍ﴾ عما فيه أهل النار من العذاب.

وقال مجاهد: ﴿فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾، أي: في نعيم معجبون، أي: به. وكذا قال قتادة.

وقال ابن عباس: ﴿فَاكِهُونَ﴾، أي: فرحون.

وقال عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والأعمش، وسليمان التيمي، والأوزاعي في قوله: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾، قالوا: شغلهم افتضاض [١] الأبكار.

وقال ابن عباس في رواية عنه: ﴿فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾، أي: بسماع الأوتار.

وقال أبو حاتم: لعله غلط من المستمع، وإنما هو افتضاض [٢] الأبكار.

وقوله: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ﴾ قال مجاهد: وحلائلهم ﴿فِي ظِلَالٍ﴾، [أي: في ظلال] [٣] الأشجار، ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ﴾.

قال ابن عباس: ومجاهد، وعكرمة، ومحمد بن كعب، والحسن، وقتادة، والسدي، وخُصيف: ﴿الْأَرَائِكِ﴾، هي: السرر تحت الحجال (*).

قلت: نظيره في الدنيا هذه التخوت تحت البشاخين (**)، والله أعلم.

وقوله: ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾، أي: من جميع أنواعها، ﴿وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ﴾، أي: مهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف أنواع الملاذ.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، حدثنا محمد بن مهاجر، عن الضحاك المَعَافري، عن سليمان بن موسى، حدثني كُرَيب؛ أنه سمع أسامة بن زيد، يقول: قال رسول الله : "ألا هل مُشَمّر إلى الجنة؟ فإن الجنة لا خَطَر (* * *) لها، هي ورب الكعبة دور كلها تتلألأ [٤]، وريحانة تهتز، وقصر


(*) جمع حَجلة: وهي الستر يضرب للعروس داخل البيت.
(**) كذا ولم أجدها.
(* * *) -أي لا عِوض لها ولا مِثلَ. والخطر -بالتحريك- في الأصل: الرهن وما يُخاطر عليه. ومثلُ =