للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس؟ قال: تدرون ما ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ [مِنْ مِثْلِهِ] [١] مَا يَرْكَبُونَ﴾؟ [قلنا: لا] [٢]. قال: السفن، جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها.

وكذا قال أبو مالك، والضحاك، وقتادة، وأبو صالح، والسدي أيضًا: ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾، أي: السفن.

ويُقَوّي هذا المذهب في المعنى قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾.

وقوله: ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ﴾، يعني الذين في السفن، ﴿فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ﴾، أي: فلا مغيث لهم مما هم فيه، ﴿وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ﴾، أي: مما أصابهم، ﴿إلا رَحْمَةً مِنَّا﴾. وهذا استثناء منقطع، تقديره: لكن برحمتنا نسيركم في البر والبحر، ونُسَلمكم إلى أجل مسمى، وفإذا قال: ﴿وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾، أي: إلى وقت معلوم عند الله.

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَينَ أَيدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَال الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إلا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٤٧)

يقول تعالى مخبرًا عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم، وعدم اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها، وما هم يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَينَ أَيدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ﴾، قال مجاهد: من الذنوب. وقال غيره بالعكس ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، أي: لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عذابه. وتقدير الكلام: أنهم لا يجيبون إلى ذلك ويعرضون عنه. واكتفى عن ذلك بقوله: ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ﴾، أي: على التوحيد وصدق الرسل ﴿إلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾، أي: لا يتأملونها ولا ينتفعون بها.

وقوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾، أي: وإذا أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحاويج من المسلمين ﴿قَال الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾، أي: عن الذين آمنوا من الفقراء، أي: قالوا لمن أمرهم من المؤمنين بالإنفاق محاجّين لهم فيما أمروهم به: ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾، أي: هؤلاء الذين أمرتمونا بالإنفاق عليهم، لو شاء الله لأغناهم ولأطعمهم من رزقه، فنحن

نوافق مشيئة الله فيهم، ﴿إِنْ أَنْتُمْ إلا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾، أي: في


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.