للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثالث: أن قصة أنطاكية مع الحراريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة، وقد ذكر أبو سعيد الخدري وغير واحد من السلف؛ أن الله تعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم، بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين، ذكروه عند قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾. فعلى هذا يتعين أن [١] هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية، كما أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضًا. أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظًا في هذه القصة، مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة، فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك، والله أعلم.

فأما الحديث الذي رواه الحافظ [٢] أبو القاسم الطبراني (٢٠): حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني، حدثنا حُسَين الأشقر، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي قال: "السُّبَّق ثلاثة: فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب يس، والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب". فإنه حديث منكر، لايعرف إلا من طريق حسين الأشقر، وهو شيعي متروك.

﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَينَا مُحْضَرُونَ (٣٢)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، [أي: يا ويل العباد [٣].

وقال قتادة: ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، أي: يا حسرة العباد على أنفسهم [٤]، على [٥] ما ضيعت من أمر الله، فرطت في جنب الله- قال: وفي بعض القراءة: "يا حسرة [٦] العباد على أنفسها".


(٢٠) - المعجم الكبير (١١/ ٩٣) (١١١٥٢)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ١٠٤): فيه حسين بن حسن الأشقر وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح.