للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَبِيرُ﴾.

وقال آخرون: بل معنى قوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾، يعني المشركين عند الاحتضار، ويوم القيامة حتى إذا استيقظوا كما كانوا فيه من الغفلة في الدنيا، ورجعت إليهم عقولهم يوم القيامة، قالوا: ماذا قال ربكم؟ فقيل لهم: الحق. وأخبروا به مما كانوا عنه لاهين في الدنيا.

قال ابن أبي نَجيح، عن مجاهد: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾، كشف عنها الغطاء يوم القيامة.

وقال الحسن: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾، يعني: ما فيها من الشك والتكذيب.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾، أيعني: ما فيها من الشك،] [١] قال: فزع الشيطان عن قلوبهم ومآربهم [٢] وأمانيهم وما كان يضلهم، ﴿قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾، قال: و [٣] هذا في بني آدم، هذا عند الموت، أقروا حين لا ينفعهم الإقرار.

وقد اختار ابن جرير القول الأول (٢٠): أن الضمير عائد على الملائكة. هذا هو الحق الذي لا مرية فيه، لصحة الأحاديث فيه والآثار، ولنذكر منها طرفًا يدل على غيره.

قال البخاري عند تفسيو هذه الآية الكريمة في صحيحه (٢١). حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو، سمعت عكرمة، سمعت أبا هُرَيرة يقول: إن نبي اللَّه قال: "إذا قضى اللَّه الأمرَ في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله: كأنه سلسلة على صفوانٍ، فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحقّ، وهو العلي الكبير، فيسمعها مُسْتَرق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض -ووصف سفيان بيده فحَرّفها وبَدّد بين أصابعه- فيَسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيَها على لسان الساحر [٤] أو الكاهن. فربما أدركه الشّهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذْبَة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا


(٢٠) تفسير الطبري (٢٢/ ٩٢).
(٢١) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ .... ﴾ حديث (٤٨٠٠)، وسنن أبي داود حديث (٣٩٨٩)، وسنن الترمذي حديث (٣٢٢٣)، وسنن ابن ماجه حديث (١٩٤).