للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة، حدثنا حماد بن واقد -يعني أبا عمر الصفار- سمعت أبا معمر -يعني عون بن معمر- يحدث عن الحسن -يعني البصري- أنه تلا هذه الآية: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾، قال: عرضها على السبع الطباق الطرائق التي زينت بالنجوم، وحملة العرش العظيم، فقيل لها: هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قال: قيل لها: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت. قالت: لا. ثم عرضها على الأرضين السبع الشداد، التي شدت بالأوتاد، وذللت بالمهاد، قال: فقيل لها: هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قال: قيل لها: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت: لا. ثم عرضها على الجبال الشم الشوامخ الصعاب الصلاب، قال: قيل لها: هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قال: قيل لها: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت: لا.

وقال مقاتل بن حيان: إن الله حين خلق خلقه، جمع بين الإنس والجن، والسماوات والأرض والجبال، فبدأ بالسماوات فعرض عليهن الأمانة وهي الطاعة، فقال لهن: أتحملن هذه الأمانة، ولكُن عليَّ الفضل والكرامة والثواب في الجنة؛ فقلن: يا رب، إنا لا نستطيع هذا الأمر، وليست بنا قوة، ولكنا لك مطيعين (*). ثم عرض الأمانة على الأرضين، فقال لهن: أتحملن هذه الأمانة وتقبلنها مني، وأعطيكن الفضل والكرامة؟ فقلن: لا صبر لنا على هذا يا رب ولا نطيق، ولكنا لك سامعين مطعين (*)، لا نعصيك في شيء تأمرنا به. ثم قرب آدم فقال له: أتحمل هذه الأمانة وترعاها حق رعايتها؟ فقال عند ذلك آدم: ما لي عندك؟ قال: يا آدم، إن أحسنت وأطعت ورعيت الأمانة؛ فلك عندي الكرامة والفضل وحسن الثواب في الجنة. وإن عصيت ولَم ترْعَها حق رعايتها وأسأت؛ فإني معذبك ومعاقبك وأنزلك النار. قال: رضيت رب.

وتَحَمَّلها، فقال الله ﷿: قد حَمَّلْتُكَهَا. فذلك قوله: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾. رواه ابن أبي حاتم.

وعن مجاهد أنه قال: عرضها على السماوات فقالت: يا رب، حملتني الكواكب وسكان السماء وما ذكر، وما أريد ثوابًا ولا أحمل فريضة. قال: وعرضها على الأرض فقالت: يا رب، غرست في الأشجار، وأجريت في الأنهار وسكان الأرض وما ذكر، وما أريد ثوابًا ولا أحمل فريضة. وقالت الجبال مثل ذلك، قال الله تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ في عاقبة أمره. وهكذا قال ابن جريج.

و [١] عن ابن أشوع أنه قال: لما عرض الله عليهن حمل الأمانة، ضَجَجْنَ إلى الله ثلاثة أيام


(*) كذا في ز، خ.