ولياليهن، وقلن: ربنا، لا طاقة لنا بالعمل، ولا نريد الثواب.
ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء الموصلي، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم في هذه الآية: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾، فقال الإنسان: بين أذني وعاتقي. فقال الله تعالى: إني مُعينك عليها، أي: معينك على عينيك بطبقتين [١]، فإذا نازعاك إلى ما أكره فأطبق. ومعينك على لسانك بطبقتين [٢]، فإذا نازعك [٣] إلى ما أكره فأطبق. ومعينك على فرجك بلباس، فلا تكشفه إلى ما أكره.
ثم روى عن أبي حازم نحو هذا.
وقال ابن جرير: حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله ﷿: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾، قال: إن الله عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين، ويجعل لهن ثوابًا وعقابًا، ويستأمنهن على الدين. فقلن: لا، نحن مسخرات لأمرك [لا نريد ثوابًا ولا عقابًا][٤]، قال: وعرضها الله على آدم فقال: بين أذني وعاتقي. قال ابن زيد: فقال الله تعالى له: أما إذْ تحملت هذا فسأعينك: أجعل لبصرك حجابًا، فإذا خشيت [٥] أن تنظر إلى ما لا يحل لك فأرخ عليه حجابه، وأجعل للسانك بابًا وغلقًا، فإذا خشيت فأغلق. وأجعل لفرجك لباسًا فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك [٦].
وقال ابن جرير (٣٠٧): حدثني سعيد بن عمرو السّكُوني [٧]، حدثنا بقية، حدثنا عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير -وكان من أصحاب النبي ﷺ قال: قال النبي ﷺ: "إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء، فأرسلوا به، فمنهم رسول [الله، ومنهم نبي][٨]، ومنهم نبي رسول، ونزل القرآن وهو كلام الله، ونزلت العربية والعجمية، فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم، ولم يدع الله شيئًا من أمره مما يأتون وما يجتنبون وهي الحجج عليهم، إلا بينه لهم. فليس
(٣٠٧) تفسير الطبري (٢٢/ ٣٩) وله شاهد من حديث حذيفة أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٦٤٩٧) وسيأتي.