للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشَقَّ عليه، ثم قال: "دعنا منك، لقد أوذي موسى بأكثر من هذا، فصبر".

وقد رواه أبو داود (٣٠٤) في الأدب، عن محمد [بن يحيى الذهلي، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن إسرائيل عن الوليد] [١] بن أبي هاشم به مختصرًا: "لا يبلغني أحد [من أصحابي] [٢] عن أحد شيئًا؛ إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر".

وكذا رواه الترمذي (٣٠٥) في "المناقب" عن الذهلي سواء، إلا أنه قال: "زيد بن زائدة". ورواه أيضًا عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن محمد، عن عبيد الله بن موسى وحسين بن محمد، كلاهما عن إسرائيل، عن السدي، عن الوليد بن أبي هاشم، به مختصرًا أيضًا، فزاد في إسناده السدى، ثم قال: غريب من هذا الوجه.

وقوله: ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾. أي: له وجاهة وجاه عند ربه ﷿.

قال الحسن البصري: كان مستجاب الدعوة عند الله. وقال غيره من السلف: لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه، ولكن منع الرؤية لما يشاء الله ﷿.

وقال بعضهم: من وجاهته العظيمة: أنه شفع في أخيه هارون أن يرسله الله معه، فأجاب الله سؤله، وقال: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه، وأن يقولوا ﴿قَوْلًا سَدِيدًا﴾، أي: مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا انحراف. ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك، أثابهم عليه بأن يصلح لهم [٣] أعمالهم، أي: يوفقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية. وما قد يقع منهم [٤] في المستقبل يلهمهم التوبة منها [٥].

ثم قال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، وذلك أنه يجار من النار، ويصير إلى النعيم المقيم.


(٣٠٤) سنن أبي داود، كتاب الأدب برقم (٤٨٦٠).
(٣٠٥) سنن الترمذي، كتاب المناقب برقم (٣٨٩٦).