للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)﴾.

يقول تعالى متهددًا ومتوعدًا من آذاه، بمخالفة أوامره وارتكاب زواجره وإصراره علي ذلك، وآذى رسوله بعيب أو تنقص، عياذًا بالله من ذلك.

قال عكرمة: في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، نزلت في المصوّرين.

وفي الصحيحين (٢٨٨)، من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "يقول الله ﷿: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب ليله ونهاره". ومعنى هذا أن الجاهلية كانوا يقولون: يا خيبة الدهر؛ فعل بنا كذا وكذا. فيسندون أفعال الله تعالى إلى الدهر ويسبونه، وإنما الفاعل لذلك هو الله ﷿، فنهى عن ذلك.

هكذا قرره [١] الشافعي وأبو عبيد وغيرهما من العلماء .

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، نزلت في الذين طعنوا في تزويجه صفية بنت حُيي بن أخطب.

والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء، ومن آذاه فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله، كما قال الإمام أحمد (٢٨٩):

حدثنا يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن عَبيدة بن أبي رائطة الحذاء التميمي [٢]، عن عبد الرحمن [بن زياد] [٣]، عن عبد الله بن المغفل المزني قال: قال النبي :


(٢٨٨) صحيح البخاري برقم (٤٨٢٦)، وصحيح مسلم برقم (٢٢٤٦).
(٢٨٩) المسند (٤/ ٨٧) (١٦٨٥٣)، وعبيدة بن أبي رائطة: قال في التقريب: صدوق، روي له الترمذي. وعبد الله بن عبد الرحمن: وقيل: عبد الرحمن بن زياد، وقيل: عبد الرحمن بن عبد الله، قال ابن معين: لا أعرفه. وذكره ابن حبان في الثقات. قال الحافظ: لكن ابن حبان لم يذكره إلا في عبد الله بن عبد الرحمن وتبع في ذلك البخاري وابن أبي حاتم، ثم إن البخاري لما ذكره حكي كلام من قال فيه عبد الرحمن بن زياد؛ قال: وفيه نظر.
والحديث رواه الترمذي حديث ٣٨٦٢ من حديث عبد الرحمن بن زياد ويقال: إنه أخو عبيد الله بن زياد - عن ابن مغفل به نحوه. وقال: غريب لا أعرفه إلا من هذا الوجه. وأخرجه أيضًا المزي في تهذيب الكمال في ترجمة عبد الرحمن بن زياد. والحديث أخرجه أحمد في مسنده حديث (٢٠٦٠٥، ٢٠٦٠٦، ٢٠٦٣٥) (٥/ ٥٤، ٥٥، ٥٧).