للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غَرضًا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه".

وقد رواه الترمذي من حديث عُبيدة بن أبي رائطة، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن المغفل به. ثم قال: وهذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾، أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾، وهذا هو البهت البيّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه [١]، على سبيل العيب والتنقص لهم، ومن أكثر من يدخل في هذا [٢] الوعيد الكفرةُ بالله ورسوله، ثم الرافضة الذين ينتقصون [٣] الصحابة ويعيبونهم بما قد بَرَّأهم الله منه، ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم؛ فإن الله ﷿ قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم وينتقصونهم، ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبدًا، فهم في الحقيقة منكوسو [٤] القلوب، يذمون الممدوحين، ويمدحون المذمومين.

وقال أبو داود: (٢٩٠) حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أنه قيل: يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: "ذكرُكَ أخاك بما يكره". قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول لقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه".

وهكذا رواه الترمذي، عن قتيبة، عن الدراوردي، به. [ثم] [٥] قال: حسن صحيح.

وقد قال ابن أبي حاتم (٢٩١): حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن عمار بن أنس، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله لأصحابه: "أي الربا أربى عند الله؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أربى الربا عند الله استحلالُ عرض امرئ مسلم"، ثم قرأ: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾.


(٢٩٠) سنن أبي داود، كتاب الأدب برقم (٤٨٧٤)، وسنن الترمذي كتاب البر والصلة برقم (١٩٣٤).
(٢٩١) ورواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٦٧١١) من طريق يحيى بن واضح عن عمار بن أنس، به.