للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ رِجَالِكُمْ﴾. وقوله: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾، أي: في حكم الله [١] ﴿الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾، أي: القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار. وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم، كما قال ابن عباس وغيره: كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه، للأخوة التي آخى بينهما رسول الله، . وكذا قال سعيد بن جبير، وغير واحد من السلف والخلف.

وقد أورد فيه ابن أبي حاتم حديثًا عن الزبير بن العوام فقال: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي بكر المصعبي -من ساكني بغداد- عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير بن العوام قال: أنزل الله ﷿ فينا خاصة -معشر قريش والأنصار-: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾، وذلك أنا -معشر قريش- لما قدمنا المدينة قَدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نعْمَ الإخوان، فواخيناهم ووارثناهم، فواخى أبو بكر خارجة بن زيد، وآخى عمر فلانًا، وآخى عَثمان بن عفان رجلًا من بني زريق [٢] سعد الزرقي [٣]-ويقول بعض الناس غيره- قال الزبير: وواخيت أنا كعب بن مالك، فجئته فابتعلته فوجدت السلاح قد ثقله فيما يرى، فوالله يابني [٤]، لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري، حتى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش و الأنصار خاصة، فرجعنا إلى مواريثنا.

وقوله: ﴿إلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾، أي: ذهب الميراث، وبقى النصر والبر والصلة والإحسان والوصية.

وقوله: ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾، أي: فإذا الحكم، وهو أن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض، حكم من الله مقدر مكتوب في الكتاب الأول، الذي لا يبدل، ولا يغير. قاله مجاهد وغير واحد. وإن كان قد يقال: قد [٥] شرع خلافه في وقت لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وهو يعلم أنه سينسخه إلى ما هو جار في قدره الأزلي، وقضائه القدري الشرعيّ.

﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ


[١]- سقط من: خ، ز.
[٢]- في خ، ز: "رزيق".
[٣]- في ز: "الدرقي".
[٤]- في خ، ز: "ما بي".
[٥]- سقط من: ز.