للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن أولي العزم الخمسة، وبقية الأنبياء: إنه أخذ عليهم العهد والميثاق في إقامة دين الله، وإبلاغ رسالته، والتعاون والتناصر والاتفاق، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَال أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَال فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾. فهذا العهد والميثاق أخذ عليهم بعد إرسالهم، وكذلك هذا. ونص من بينهم على هؤلاء الخمسة، وهم أولو العزم، وهو من باب عطف الخاص على العام، وقد صرح بذكرهم أيضًا في هذه الآية، وفي قوله: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ وَمَا وَصَّينَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾، فذكر الطرفين والوسط، الفاتح [١] والخاتم، ومن بينهما على الترتيب. فهذه هي الوصية التي أخذ عليهم الميثاق بها، كما قال: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ﴾، فبدأ في هذه الآية بالخاتم، لشرفه -صلوات الله عليه- ثم رتبهم بحسب وجودهم صلوات الله عليهم.

قال ابن أبي حاتم (٢٥): حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا سعيد بن بشير، حدثني قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة عن النبي، ، [في قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾. الآية قال النبي، ] [٢]: "كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث، [فبدئ بي] [٣] قبلهم". سعيد بن بشير فيه ضعف.

وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلًا، وهو أشبه، ورواه بعضهم عن قتادة موقوفًا، فالله أعلم.

وقال أبو بكر البزار (٢٦): حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا حمزة الزيات، حدثنا عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: خيار ولد آدم خمسة: نوح،


(٢٥) - أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٣)، والبغوي في تفسيره كما في البداية والنهاية (٣/ ٤٩٨ - هجر) من طريق سعيد بن بشير به وزاد السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٥٣) نسبته إلى الحسن بن سفيان وابن مردويه والديلمي، وابن عساكر. وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للشيخ الألباني (٦٦١).
(٢٦) - كشف الأستار (٢٣٦٨) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٥٨): رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.