للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو طالب في شعره:

وَكُنَّا قَديمًا لا نُقرُّ ظُلامَةً … إذ ما ثَنوا صُعْرَ الرءوس نُقِيمُها

وقوله: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾، أي: جذلًا متكبرًا جبارًا عنيدًا، لا تفعل ذلك يبغضك الله، ولهذا قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ أي: مختال معجب في نفسه، فخور، أي: على غيره. وقد [١] قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَال طُولًا﴾ وقد تقدم الكلام على ذلك في موضعه.

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ثابت بن قيس بن شَمَّاس قال: ذكر الكبر عند رسول الله فشدد فيه، فقال: "إن الله لا يحب كل مختال فخور". فقال رجل من القوم: والله يا رسول الله؛ إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها، ويعجبني شراك نعلي، وعلاقة سوطي، فقال: "ليس ذلك الكبرَ، إنما الكبرُ أن تَسْفَه الحق، وتَغْمط الناس".

ورواه من طريق أخرى بمثله، وفيه قصة طويلة، ومقتل ثابت ووصيته بعد موته (١٠).


(١٠) - أخرجه الطبراني (٢/ ٦٩) (١٣١٧) - ووقع في المطبوع من المعجم أكثر من تصحيف فلينتبه إلى ذلك - عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن محمد بن عمران بن أبي ليلى عن أبيه عن ابن أبي ليلى به، كما ذكره المصنف، وأخرجه الطبراني أيضًا في ٢/ ٦٩ (١٣١٨) من طريق آخر عن ابن أبي ليلى به، وهذا الإسناد ضعيف لتفرد ابن أبي ليلى به، قال الهيثمي في المجمع (٥/ ١٣٤): "وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ وحديثه حسن بالشواهد التي تقدمت في هذا الباب، ولكن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من ثابت بن قيس" وللحديث طريق أخرى، وهي التي أشار إليها المصنف بقوله: "ورواه - يعني الطبراني - من طريق أخرى بمثله، وفيه قصة طويلة ومقتل ثابت … " قلت: وهي عند الطبراني (٢/ ٧٠) (١٣٢٠) من طريق ابنة ثابت بن قيس عن أبيها وذكره الهيثمي في المجمع (٩/ ٣٢٤) وقال: "ابنة ثابت بن قيس لم أعرفها" ثم وجدت طريقًا أخرى لهذا الحديث ولكنه أخصر من هذا فليس فيه ذكر الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ أخرجه الروياني في مسنده (٢/ ١٧٥) حديث رقم (١٠٠٣) من طريق هشام بن عمار عن عمرو بن واقد عن يونس بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني عن ثابت بن قيس بلفظ: "يا رسول الله، إني رجل أحب الجمال حتى في نعلى … ؟ فقال رسول الله : "إن الله جميل يحب الجمال" وهذا الإسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عمرو بن واقد وهو متروك. وفي الجملة فإن الحديث من مسند ثابت بن قيس غير صحيح وله شاهد صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا. قال: "إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمطُ الناس" وسيذكره المصنف عندما يعقد بابا باسم: "ذم الكبر".