للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عباس أنه قال: خُسِفَ بهم الي الأرض السابعة. وقال قتادة: ذكر لنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة. فهم [١]- يتجلجلون فيها إلي يوم القيامة وقد ذُكر هاهنا إسرائيليات أضربنا عنها صفحًا.

وقوله: ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١)﴾، أي: ما أغني عنه ماله وما جَمَعه، ولا خدمه وحشمه. ولا دفعوا عنه نقمة الله وعذابه ونكاله [به] [٢]، [ولا كان هو في نفسه منتصرًا لنفسه، فلا ناصر له من نفسه ولا من غيره.

وقوله تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ﴾، أي: الذين لما رأوه في زينته ﴿يَاليتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩)﴾، فلما خسف] [٣] به أصبحوا يقولون: ﴿وَيكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ أي: ليس المال بدالّ علي رضا الله عن صاحبه؛ فإن الله يعطي ويمنع، ويضيق ويوسع، [ويخفض ويرفع] [٤]، وله الحكمة التامة والحجة البالغة. وهذا كما في الحددث المرفوع عن ابن مسعود: "إنّ الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم أرزاقكم، وإن الله يعطي المال من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإِيمان إلا من يحب" (٤٠).

﴿لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا﴾، أي: لولا لُطف الله بنا وإحسانه إلينا لخسف بنا كما خسف به، لأنَا وَددْنا أنَّا [٥] نكون مثله.

﴿وَيكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾، يعنون أنه كان كافرًا، ولا يفلح الكافرون عند الله، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

وقد اختلف النحاة في معنى قوله تعالى: ﴿وَيكَأَنَّ﴾ فقال بعضهم: معناها: "ويلك [٦] اعلم أن" ولكن خُفّفت فقيل: "ويك" ودل فتح "أن" علي حذف "اعلم". وهذا القول ضَعفه ابن جرير (٤١)، والظاهر أنّه قوي، ولا يشكل علي ذلك إلا كتابتها في المصاحف متصلة "ويكأن". والكتابة أمر وضعي [٧] اصطلاحي، والمرجع إلي اللفظ العربي، والله أعلم.


(٤٠) المسند (١/ ٣٨٧).
(٤١) تفسير الطبري (٢٠/ ٧٧).