للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال رسول الله، : "بينا رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين فاختال فيهما، فأمر الله الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلي يوم القيامة" (٣٩).

وقد ذكر محمد بن المنذر -شَكَّر- في كتاب "العجائب الغربية [١] " بسنده عن نوفل بن مساحق قال: رأيت شابًّا في مسجد نجران، فجعلت أنظر إليه وأتعجب من طوله وتمامه وجماله، فقال: ما لك تنظر إليّ؟ فقلت: أعجب من جمالك وكمالك. فقال: إن الله ليعجب مني. قال: فما زال ينقص وينقص حتى صار بطول الشبر فأخذه بعض ترابته في كمه وذهب.

وقد ذُكر أن هلاك قارون كان عن دعوة نبي الله موسى واختلف في سببه: فعن ابن عباس والسدي: أن قارون أعطي امرأة بغيًّا مالًا على أن تبهت موسى بحضرة الملإِ من بني إسرائيل، وهو قائم فيهم يتلو عليهم كتاب الله، فتقول: يا موسى، إنك فعلت لي كذا وكذا، فلما قالت في الملإِ ذلك لموسي أرْعَدَ من الفَرَق، وأقبل عليها، وصلي ركعتين ثم قال: أنشدك بالله الذي فرق البحر، وأنجاكم من فرعون، وفعل كذا وكذا، لما أخبرتني بالذي حملكِ علي ما قلتِ؟ فقالت: أما إذ نَشَدتني فإنّ قارون أعطاني كذا وكذا، علي أن أقول لك، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه. فعند ذلك خر موسى لله ﷿ ساجدًا، وسأل الله في قارون. فأوحي الله إليه أني قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره فكان ذلك.

وقيل: إن قارون لما خرج علي قومه في زينته تلك، وهو راكب علي البغال الشّهب، وعليه وعلي خدمه الثياب الأرجوان الصّبغة [٢]، فمر في جَحفَله ذلك علي مجلس نبي الله موسى وهو يذكرهم بأيام الله، فلما رأي الناس قارون انصرفت وجوه الناس حوله، ينظرون إلي ما هو فيه، فدعاه موسى وقال: ما حملك علي ما صنعت؟ فقال: يا موسى، أما لئن كنت فُضِّلت عليّ بالنبوة، فلقد فضلت عليك بالدنيا، ولئن شئت لنخرجن، فلتدعونّ عليّ وأدعو عليك. فخرج وخرج قارون في قومه فقال موسى: تدعو أو أدعو أنا؟ قال: بل أنا ادعو. فدعا قارون فلم يجب له، ثم قال موسى: أدعو؟ قال: نعم. فقال موسى: اللهم، مر الأرض أن تطعني اليوم. فأوحي الله إليه أني قد فعلت، فقال موسى: يا أرض، خذيهم. فأخذتهم إلي أقدامهم. ثم قال: خذيهم. فأخذتهم إلي ركبهم، ثم إلي مناكبهم. ثم قال: أقبلي بكنوزهم وأموالهم. قال: فأقبلت بها حتى نظروا إليها. ثم أشار موسى بيده فقال: اذهبوا بني لاوي فاستوت بهم الأرض.


(٣٩) مسند أبي يعلى (٧/ ٢٧٩)، وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ١٢٦): "فيه زياد بن عبد الله النميري وهو ضعيف، وقد وثقه ابن حبان وقال: يخطيء".