للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾.

أخرجاه (٢٩) من حديث الزهري. وهكذا رواه مسلم في صحيحه، والترمذي من حديث يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هُريرة ، قال: لما حَضَرَتْ وفاة أبي طالب؛ أتاه رسول الله فقال: "يا عمَّاه، قل: لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة". فقال: لولا أن يُعَيِّرني [١]- بها قريش، - يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررتُ بها عينَك، لا أقولها إلا لأقرَّ بها عينك. فأنزل الله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾. وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان (٣٠).

ورواه الإِمام أحمد، عن يحيى بن سعيد القطان، عن يزيد بن كيسان، حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة … فذكره بنحوه (٣١).

وهكذا قال ابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، والشعبي، وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب حين عَرَض عليه رسول الله أن يقول: "لا إله إلا الله"، فأبى عليه ذلك، وقال: أي ابن أخي، ملّة الأشياخ. وكان آخر ما قال: هو علي ملة عبد المطلب.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلحة، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن أبي راشد، قال: كان رسول قيصر جاء إليَّ قال: كتب معي قيصر إلي رسول الله، ، كتابًا، فأتيته فدفعت الكتاب، فوضعه في حجره ثم قال: "ممن الرجل؟ " قلت: من تنوخ [٢]. قال: "هل لك في دين أبيك إبراهيم الحنيفية؟ " قلت: إني رسول قوم [٣] وعلي دينهم حتى أرجع إليهم. فضحك رسول الله ونظر إلي أصحابه فقال [٤]: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ " (٣٢).

وقوله: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾، [يقول تعالى مخبرًا عن اعتذار بعض الكفار في عدم اتباع الهدي حيث قالوا لرسول الله : ﴿إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾] [٥] أي: نخشي إِنِ اتبعنا [٦] ما جئت به من الهدي،


(٢٩) صحيح البخاري برقم (١٣٦٠)، وصحيح مسلم برقم (٢٤).
(٣٠) صحيح مسلم برقم (٢٥)، وسنن الترمذي برقم (٣١٨٨).
(٣١) المسند (٢/ ٤٣٤).
(٣٢) رواه أحمد في المسند (٣/ ٤٤١) من طريق حماد بن سلمة بنحوه.