للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦٤)

أي: هو الذي بقدرته وسلطانه يبدأ [١] الخلق ثم يعيده، كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾ وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ﴾.

﴿وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، أي [٢]: بما ينزل من مطر السماء، وينبت من بركات الأرض، كما قال: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾. وقال: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ فهو ينزل من السماء ماء مباركًا فيسكنه في الأرض، ثم يخرج به أنواع الزروع والثمار والأزاهير، وغير ذلك من ألوان شتى، ﴿كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾، ولهذا قال: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾، أي [٣]: فعل هذا؟ وعلى القول الآخر: [بعد هذا] [٤]؟ ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ على صحة ما تدعونه من عبادة آلهة أخرى، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في ذلك، وقد علم أنه لا حجة لهم ولا برهان، كما قال: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ

إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.

﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (٦٦)

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول معلمًا لجميع الخلق: إنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب. وقوله: ﴿إلا اللَّهُ﴾ استثناء منقطع، أي: لا يعلم أحد ذلك إلا الله ﷿، فإنه المنفرد بذلك وحده، لا شريك له؛ كما قال: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ﴾ الآية، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾ والآيات في هذا كثيرة.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ أي: وما يشعر الخلائق الساكنون في


[١]- في ز: "بداء".
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- في ت: "يعبد".