للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَهُ قَال هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠)

قال محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رُومان، قال: فلما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان قالت: قد، والله، عرفت ما هذا بملك، وما لنا به من طاقة، وما نصنع بمكابرته [١] شيئًا. وبعثت إليه: إني قادمة عليك [] [٢] بملوك قومي، لأنظر ما أمرُك وما تدعونا إليه من دينك. ثم أمرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه - وكان من ذهب مُفَصَّص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ - فجعل [٣] في سبعة أبيات، بعضها في بعض، ثم أقفلت عليه الأَبواب، ثم قالت لمن خَلفت [٤] على سلطانها، احتفظ بما قبلك وسرير ملكي، فلا يخلص إليه أحد من عباد الله، وَلا يرَينَّه أحد [٥] حتَّى آتيك. ثم شَخَصَت إلى سليمان في اثنى عشر ألفًا [٦] قَيْلٍ من ملوك اليمن، تحت يدي كل قَيل منهم ألوف كثيرة. فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة، حتَّى إذا دَنت جمع مَنْ عنده مِنَ الجن والإِنس، ممن تحت يديه، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾.

وقال قَتَادة: لما [٧] بلغ سليمان أنَّها جائية، وكان قد ذُكر له عرشها فأعجبه، وكان من ذهب، وقوائمه لؤلؤ وجوهر، وكان مسترًا بالديباج والحرير، وكانت عليه تسعة مغاليق، فكره أن يأخذه بعد إسلامهم. وقد علم نبيّ الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾.

وهكذا قال عطاء الخراساني، والسدّي، وزُهير بن محمد: ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾، فتحرم على أموالهم بإسلامهم.

﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ﴾، قال مجاهد: أي مارد من الجن. قال شعيب الجبائي: وكان اسمه كوزن. وكذا قال محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، وكذا قال أيضًا وَهْب بن منبه. قال أَبو صالح: وكان كأنّه جبل.

﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾، قال ابن عبَّاس: يعني قبل أن تقوم من مجلسك. وقال مجاهد: مقعدك. وقال السدي وغيره: كان يجلس للناس للقضاء


[١]- في ت: "بمكاثرته".
[٢]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "قادمة".
[٣]- في ز، خ: "يجعل".
[٤]- في خ: "خالفت".
[٥]- سقط من: ز، خ.
[٦]- سقط من: خ، ز.
[٧]- سقط من: ز، خ.