للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، وأوحى الله إلى موسى: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾. فضربه بها، وفيها سلطان الله الذي أعطاه، فانفلق.

وذكر غير واحد أنه كنّاه فقال: انفلق عليّ [أبا خالد] [١]؛ بحول الله. قال الله تعالى: ﴿فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾. أي: كالجبل الكبير. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومحمد بن كعب، والضحاك، وقتادة، وغيرهم.

وقال عطاء الخراساني: هو الفج بين الجبلين.

وقال ابن عباس: صار البحر اثني عشر طريقًا، لكل سبط طريق - وزاد السدي: وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض، وقام الماء على حيله كالحيطان، وبعث الله الريح على قعر البحر فلفحته، فسار يَبَسا كوجه الأرض، قال الله تعالى: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾. وقال في هذه القصة: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ﴾ أي: هنالك ﴿الْآخَرِينَ﴾ قال ابن عباس، وعطاء الخراساني، وقتادة، والسدي: ﴿وَأَزْلَفْنَا﴾، أي: قربنا فرعون وجنوده من البحر، وأدنيناهم إليه. ﴿وَأَنْجَينَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾، أي: أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن معهم على دينهم فلم يهلك منهم أحد، وأغرق فرعون وجنوده فلم يبق منهم رجل إلا هلك.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عليّ بن الحسين، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله -هو ابن مسعود- أن موسى حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون ذلك [٢]، فأمر بشاة فذبحت، ثم قال: لا، والله لا يُفرَغ من سلخها حتى يجتمع إليَّ ستمائة ألف من القبط.

فانطلق موسى حتى انتهى إلى البحر، فقال له: انفرق [٣]. فقال البحر: لقد استكبرت يا موسى؛ وهل فرقت [٤] لأحد من ولد آدم فأفرق [٥] لك؟ قال: ومع موسى رجل على حصان له، فقال له ذلك الرِجل: أين أمرتَ يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه -[يعني البحر - فأقحم فرسه فسَبَح به فخرج. فقال: أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه] [٦]. قال: والله ما كَذبت ولا كُذبت. ثم اقتحم الثانية فسبح، ثم خرج فقال: أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه. قال: والله ما كَذبت ولا كُذبت. قال: فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه موسى بعصاه، فانفلق [٧]، فكان فيه اثنا


[١]- ما بين المعكوفتين في خ، ز: "أنه".
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في خ: "انفلق".
[٤]- في ت: "انفرقت".
[٥]- في ت: "فأنفرق".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٧]- في ت: "فانفرق".