للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكبراء والرؤساء والجنود، فأما ما ذكره غير واحد من الإِسرائيليات، من أنه خرج في ألف ألف وستمائة ألف فارس، منها مائة ألف على خيل دُهْم، وقال كعب الأحبار: فيهم ثمانمائة ألف حصان أدهم - ففي ذلك نظر. والظاهر أنه من مجازفات بني إسرائيل، والله أعلم، والذي أخبر به هو النافع، ولم يعين عدتهم إذ لا فائدة تحته، إلا أنهم خرجوا بأجمعهم.

﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾. أي: وصلوا إليهم عند شروق الشمس، وهو طلوعها ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾ أي: رأى كل من الفريقين صاحبه، فعند ذلك ﴿قَال أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾، وذلك أنه انتهى بهم السير إلى سيف (*) البحر، وهو بحر القلزم، فصار أمامهم البحر، وفرعرن قد أدركهم بجنوده؛ فلهذا قالوا: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَال كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. أي: لا يصل إليكم شيء مما تحذرون، فإن الله سبحانه هو الذي أمرني أن أسير هاهنا بكم، وهو لا يخلف الميعاد.

وكان هارون في المقدمة، ومعه يوشع بن نُون، [ومؤمن آل فرعون، وموسى في الساقة، وقد ذكر غير واحد من المفسرين: أنهم وقفوا لا يدرون ما يصنعون، وجعل يوشع بن نون] [١]، أو مؤمن آل فرعون يقول لموسى : يا نبي الله، هاهنا أمرك الله أن تسير؟ فيقرل: نعم، واقترب فرعون وجنوده، ولم يبق إلا القليل. فعند ذلك أمر الله نبيه موسى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه وقال: انفلق بإذن الله.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد، حدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن يوسف بن [٢] عبد الله بن سلام: أن موسى لما انتهى إلى البحر قال: يا من كان قبل كل شيء، والمكوّن لكل شيء، والكائن بعد كل شيء، اجعل لنا مخرجًا، فأوحى الله إليه: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾.

وقال قتادة: أوحى الله تلك الليلة إلى البحر: أن إذا ضربك موسى بعصاه فاسمع له وأطع، فبات البحر تلك الليلة [وله اضطراب] [٣]، ولا يدري من أي جانب [٤] يضربه موسى، فلما انتهى إليه موسى قال له فتاه يوشع بن نون: يا نبي الله؛ أين أمرك ربك؟ قال: أمرني أن أضرب البحر. قال: فاضربه [٥].

وقال محمد بن إسحاق: أوحى الله - فيما ذكر لي - إلى البحر: أن إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له. قال: فبات البحر يضرب [٦] بعضه بعضًا، فرقًا من الله تعالى، وانتظارًا لما أمره


(*) أي: ساحله.
[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٢]- في ز، خ: "عن".
[٣]- ما بين المعكوفتين بياض في ز.
[٤]- في خ، ز: "باب".
[٥]- في خ: "فاضرب به".
[٦]- في ز، خ: "يضطرب".