للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عشر طريقًا [١] لكل سبط طريق يتراءون، فلما خرج أصحاب موسى وتَتَام أصحاب فرعون، التقى البحر عليهم فأغرقهم.

وفي رواية إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله قال: فلما خَرَج آخر أصحاب موسى، وتكامل أصحاب فرعون، اضطمّ عليهم البحر، فما رُئي سواد أكثر من يومئذ، وغرق فرعون لعنه الله.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾. أي: في [٢] هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين، لدلالة وحجة قاطعة وحكمة بالغة، ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾. تقدم تفسيره.

﴿وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَال لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (٧١) قَال هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قَال أَفَرَأَيتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلا رَبَّ الْعَالمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)

هذا إخبار من الله تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء، أمر الله رسوله محمدًا أن يتلوه على أمته، ليقتدوا به في الإِخلاص والتوكل، وعبادة الله وحده لا شريك له، والتبري من الشرك وأهله، فإن الله تعالى آتى إبراهيم رشده من قبل. أي: من صغره إلى كبره، فإنه من وقت نشأ وشَبّ، أنكر على قومه عبادة الأصنام مع الله ﷿ فقال ﴿لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ﴾ أي: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ ﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾. أي: مقيمين على عبادتها ودعائها، ﴿قَال هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾. يعني: اعترفوا بأن أصنامهم لا تفعل شيئًا من ذلك، وإنما رأوا آباءهم كذلك يفعلون، فهم على آثارهم يُهرعون.

فعند ذلك قال لهم إبراهيم: ﴿أَفَرَأَيتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلا رَبَّ الْعَالمِينَ﴾. أي: إن كانت هذه الأصنام شيئًا ولها تأثير، فَلْتَخْلُص إليَّ بالمساءة، فإني عدو لها لا أباليها ولا أفكر فيها، وهذا كما قال تعالى مخبرًا عن نوح عليه


[١]- في ز، خ: "سبطًا".
[٢]- سقط من: ز، خ.