للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحدود على من زنى، وشددوا عليه الضرب، ولكن ليس مبرحًا؛ ليرتدع هو ومن يصنع مثله بذلك، وقد جاء في المسند (١٠) عن بعض الصحابة أنه قال: يا رسول اللَّه؛ إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها فقال: "ولك في ذلك أجر".

وقوله تعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ هذا فيه تنكيل للزانيين إذا جلدا [١] بحضرة الناس، فإن ذلك يكون أبلغ في زجرهما، وأنجع في ردعهما؛ فإن في ذلك تقريعًا وتوبيخًا وفضيحة إذا كان الناس حضورًا.

قال الحسن البصري في قوله: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني: علانية، ثم قال علي بن أبي طلحة [عن ابن عباس] [٢] ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الطائفة: الرجل فما فوقه، و [٣] قال مجاهد: الطائفة: [رجل] [٤] إلى الألف، وكذا قال عكرمة، ولهذا قال الإمام أحمد: إن الطائفة تصدق على واحد. وقال عطاء بن أبي رباح اثنان، وبه قال إسحاق بن راهويه، وكذا قال سعيد بن جبير ﴿طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [قال: يعني الرجلين فصاعدًا، وقال الزهري: ثلاثة نفر فصاعدًا، وقال عبد الرزَّاق: حدثني ابن وهب عن الإمام مالك في قوله ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾] [٥]، قال الطائفة أربعة نفر فصاعدًا؛ لأنه لا يكون شعهادة في الزنا دون [٦] أربعة شهداء فصاعدًا وبه قال الشافعي.


(١٠) - رواه أحمد (١٥٦٣٤) (٣/ ٤٣٦) عن معاوية بن قرة، [عن أبيه]: أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه! إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، [أو] قال: إني لأرحم الشاة أن أذبحها؛ فقال: " [و] الشاة إن رحمتها رحمك اللَّه] ". وحديث ٢٠٤١٥ (٥/ ٣٤). والبخاري في "الأدب الفرد" حديث (٣٧٣). ورواه الطبراني في "الصغير" (٩/ ١٠١). وفي الأوسط (٣/ ٢٥٥) (٣٧٠). وفي "الكبير" (١٩/ ٢٣) (٤٥ - ٤٦). والبزار كما في كشف الأستار (٢/ ٦٨) حديث ١٢٢١. وأبو نعيم في الحلية" (٦/ ٣٤٣). من طريق زياد بن مخراق، عن معاوية بين قرة، عن أبيه به. وأخرجه الحاكم (٣/ ٥٨٧). من حديث عدي بن الفضل، عن يونس بن عبيد، عن معاوية عن أبيه به. وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (٢/ ٣٠٢، ٦/ ٣٤٣). والطبراني في الأوسط (٣/ ١٤٢) حديث (٢٧٣٦). وفي الكبير (١٩/ ٢٤) حديث (٤٧). من طريق يونس بن عبيد، عن معاوية بن قرة. والحديث سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: فيه عدي بن الفضل وهو هالك. والحديث صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد وهو عنده في الصحيحة حديث (٢٦). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٣٥ - ٣٦) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والصغير كلهم من غير شك قالوا: قال: يا رسول اللَّه! إني لأذبح الشاة فأرحمها. وله ألفاظ كثيرة ورجاله ثقات. ا هـ.