للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾: قد قدمنا أنهم من سلالة آدم بل هم من نسل نوح أيضًا، من أولاد يافث أبي الترك، والترك شرذمة منهم، تُركوا من وراء السد الذي بناه ذو القرنين.

وقال: ﴿هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾، وقال في هذه الآية الكريمة: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦)﴾، أي: يسرعون في المشي إلى الفساد.

والحدب: هو المرتفع من الأرض، قاله ابن عباس، وعكرمة، وأبو صالح، والثوري، وغيرهم، وهذه صفتهم في حال خروجهم، [كأن] [١] السامع مشاهد لذلك، ﴿ولا ينبئك مثل خبير﴾، هذا إخبار عالم ما كان وما يكون، الذي يعلم غيب السموات والأرض، لا إله إلا هو.

وقال ابن جرير (٤٦): حدثنا محمد بن مثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن [عُبَيد] [٢] الله بن أبي يزيد قال: رأي ابن عباس صبيانًا ينزو بعضهم علي بعض، يلعبون، فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.

وقد ورد ذكر خروجهم في أحاديث متعددة من السنة النبوية.

فالحديث الأول: قال الإمام أحمد (٤٧):

حَدَّثَنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عُمَر بن قتادة، عن محمود بن لَبِيد، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله يقول: "يُفتح يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله ﷿: ﴿مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ فيغشون الناس، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيَهم، ويشربون مياه الأرض، حتى إن بعضهم ليمر بالنهر، فيشربون ما فيه حتى يتركوه يَبسًا، حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول: قد كان ها هنا ماء مرةً، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، بقي أهل السماء. قال ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مُخْتَضبَةً


(٤٦) - أخرجه الطبري (١٧/ ٨٨).
(٤٧) - أخرجه أحمد (٣/ ٧٧).