للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمتكم خبر إن، أي: هذه شريعتكم التي بينت لكم ووضحت لكم، وقوله: ﴿أمة واحدة﴾ [نصب] [١] علي الحال، ولهذا قال: ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)﴾ وقال رسول الله : "نحن -معشر الأنبياء- أولاد علات ديننا واحد" (٤٥). يعني: أن المقصود هو عبادة الله وحده لا شريك له بشرائع متنوعة لرسله، كما قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ وقوله: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ﴾، أي: اختلفت الأمم على رسلها، فمن بين مصدق لهم ومكذب ولهذا قال: ﴿كُلٌّ إِلَينَا رَاجِعُونَ﴾، أي: يوم القيامة، [فيجازي] [٢] كل بحسب عمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ولهذا قال: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾، أي: قلبه مصدق، وعمل عملًا صالحا، ﴿فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾، كقوله: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾، [أي:] [٣] لا [يُكْفَر] [٤] سعيه -وهو عمله- بل [يشكر] [٥] فلا يظلم مثقال ذرة، ولهذا قال: ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾، أي: نكتب [٦] جميع عمله، فلا يضيع عليه منه شيء.

﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (٩٧)

يقول تعالى: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ قال ابن عباس: وجب. يعني: قدرًا مقدرًا أن أهل كل قرية أهلكوا أنهم لا يرجعون إلي الدنيا قبل يوم القيامة، هكذا صرح به ابن عباس، وأبو جعفر الباقر، وقتادة، وغير واحد.

وفي رواية عن ابن عباس: ﴿أنهم لا يرجعون﴾ أي: [لا] يتوبون. والقول الأول أظهر والله أعلم.


(٤٥) - أصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب: قول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾، حديث (٣٤٤٢، ٣٤٤٣) (٦/ ٤٧٨). ومسلم في كتاب الفضائل، باب: فضائل عيسى ، حديث (١٤٣، ١٤٤/ ٢٣٦٥).