للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَسُولٍ إلا نُوحِي إِلَيهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)﴾.

يقول تعالى: بل ﴿[أَمِ] [١] اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ﴾ يا محمد: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾، أي: [دليلكم] [٢] على ما تقولون، ﴿هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ﴾، يعني: القرآن ﴿وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي﴾ يعني: الكتب المتقدمة، على خلاف ما تقولون وتزعمون، فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ناطق بأنه لا إله إلا الله، ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق، فأنتم معرضون عنه، ولهذا قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا [نُوحِي] [٣] إِلَيهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾، كما قال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ فكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والفطرة شاهدة لذلك أيضًا، والمشركون لا برهان لهم، وحجتهم داحضة عند ربهم، وعليهم غضب، ولهم عذاب شديد.

﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)

يقول تعالى رادًّا على من زعم أن له - تعالى وتقدس - ولدًا من الملائكة، كمن قال ذلك من العرب: إن الملائكة بنات الله، فقال: ﴿سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾، أي: الملائكة عباد الله مكرمون عنده، في منازل عالية ومقامات سامية، وهم له في غاية الطاعة قولًا وفعلًا ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ أي: لا يتقدمون بين يديه بأمر ولا يخالفونه فيما أمر به، بل [يبادرون] [٤] إلى فعله، وهو تعالى علمه محيط بهم، فلا يخفى عليه منهم خافية، ﴿يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾.

وقوله: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ كقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإِذْنِهِ﴾ وقوله: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ في آيات كثيرة في معنى ذلك


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز: "دليكم".
[٣]- في ز: "يوحي".
[٤]- في ز: "يبادروا".