للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النَّفَس، أليس تتكلم وأنت تتنفس، و [١] تمشي وأنت تتنفس (٥)؟.

﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)

ينكر تعالى على من اتخذ من دونه آلهة، فقال: بل ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ﴾، أي: أهم يحيون الموتى وينشرونهم من الأرض؟ أي: لا يقدرون على شيء من ذلك، فكيف جعلوها لله ندًّا وعبدوها معه.

ثم أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهة غيره لفسَدت السماوات والأرض، فقال: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ﴾، أي: في السماءِ والأرض ﴿لَفَسَدَتَا﴾، كقوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، وقال ها هنا: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، أي: عما يقولون أن له ولدًا أو شريكًا، وتقدس، وتنزه عن الذي يفترون ويأفكون علوًّا كبيرًا.

وقوله: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾، أي: هو الحاكم الذي لا معقب لحكمة، ولا يعترض عليه أحد؛ لعظمته وجلاله وكبريائه، [وعلمه] [٢] وحكمته، وعدله ولطفه، ﴿وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾، أي: وهو سائل خلقه عما يعملون، كقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ و [هذه] [٣] كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ﴾.

﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ


(٥) - أخرجه الطبري (١٧/ ١٢) وأبو الشيخ في العظمة (٢/ ٧٣٨ - ٧٣٩) حديث (٣٢٠). والبيهقي في الشعب (١/ ١٧٨) حديث (١٦٠).