للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي ما كنا فاعلين.

وقال مجاهد: كل شيء في القرآن "إن" فهو إنكار.

وقوله: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ﴾، أي: نبين الحق فيدحض الباطل، ولهذا قال: ﴿فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ أي: ذاهب مضمحلٌّ، ﴿وَلَكُمُ الْوَيلُ﴾، أي: أيها القائلون: لله ولد، ﴿مِمَّا تَصِفُونَ﴾، أي: تقولون وتفترون.

ثم أخبر تعالى عن عبودية الملاثكة له ودأبهم في طاعته ليلًا ونهارًا، فقال: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ﴾، يعني: الملائكة، ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾، أي: لا يستنكفون عنها، كما قال: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا﴾.

وقوله: ﴿وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾، أي: ولا يتعبون ولا يَمَلُّون، ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾، فهم دئبون في العمل ليلًا ونهارًا، يطعون قصدًا وعملًا، قادرون عليه، كما قال تعالى: ﴿ونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عليّ بن أبي دُلامة البغدادي، أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن صفوان بن مُحرز، عن حكيم بن حزام قال: بينا رسول الله بين أصحابه، إذ قال لهم: "هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا: ما نسمع من شيء. فقال رسول الله : "إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئطَّ، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم" (٤). غريب ولم يخرجوه.

ثم رواه ابن أبي حاتم من طريق يزيد بن [زريع] [١] عن سعيد، عن قتادة مرسلًا. وقال محمد بن إسحاق: عن حسان بن مخارق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام، فقلت له: أرأيت قول الله تعالى [لملائكة] [٢]: ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل؟ فقال: فمن هذا الغلام؟ فقالوا: من بني عبد المطلب. قال: فقبَّل رأسي، ثم قال لي: يا بني، إنه


(٤) - أخرجه ابن نصر في الصلاة (١/ ٢٥٨ - ٢٥٩) حديث (٢٥٠) قال: حدثنا عمرو بن زرارة، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن قتادة، عن صفوان بن محرز، عن حكيم بن حزام فذكره.
قال الألباني في الصحيحة برقم (١٠٦٠): "هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات".