للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة، انتبذت منهم (مكانًا قصيًّا)، أي: قاصيًا منهم بعيدًا عنهم؛ لئلا تراهم ولا يروها.

قال محمد بن إسحاق: فلما حملت به، وملأت قلتها ووجعت، استمسك عنها الدم، وأصابها ما يصيب الحامل على الولد؛ من الوصب (*) والتوحم [١] وتغير اللون، حتى فطر لسانها، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا، وشاع الحديث في بني إسرائيل، فقالوا: إنما صاحبها يوسف، ولم يكن معها [٢] في الكنيسة غيره، وتوارت من الناس، واتخذت من دونهم حجابًا، فلا يراها أحد ولا تراه.

وقوله: ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [أي: فاضطرها وألجأها الطلق إلي جذع النخلة] [٣] [وهي] [٤] نخلة في المكان الذي تنَحَّتْ إليه.

وقد اختلفوا فيه، فقال السدي [٥] (٦٤): كان شرقيَّ محرابها الذي تصلي فيه من بيت المقدس.

وقال وهب بن منبه (٦٥): ذهبت هاربة، فلما كانت بين الشام، وبلاد مصر ضربها الطلق.

وفي رواية عن وهب (٦٦) كان ذلك على ثمانية أميال من بيت المقدس، في قرية هناك يقال لها "بيت لحم".

قلت: وقد تقدم في أحاديث الإسراء، من رواية النسائي عن أنس (٦٧) - رضي الله


(٦٤) - أخرجه الطبري (١٦/ ٦٣) بنحوه.
(٦٥) - أخرجه الطبري (١٦/ ٦٤).
(٦٦) - أخرجه الطبري (١٦/ ٦٥).
(٦٧) - أخرجه النسائي (١/ ٢٢٢) كتاب الصلاة، باب: فرض الصلاة، وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك واختلاف ألفاظهم فيه، وطرفه "أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل … " الحديث، وقد تقدم في أول الإسراء.