للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصديقًا بكتابه ورسوله، ويزيدهم الله [١] خشوعًا، أي: إيمانًا وتسليمًا، كما قال: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾. وقوله: ﴿وَيَخِرُّونَ﴾: عطف صفة على صفة لا عطف سجود على سجود، كما قال الشاعر:

إلى الملك القَرْم وابن الهمام … ولَيثِ الكَتيبَة في المْزَدَحم

﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَينَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١١٠) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)

يقول تعالى: ﴿قُلِ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرحمة للَّه ﷿ المانعين من تسميته بالرحمن: ﴿ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، أي: لا فرق بين دعائكم له باسم اللَّه أو باسم [٢] الرحمن؛ فإنه ذو [٣] الأسماء الحسنى، كما قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ عَالِمُ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢)[الحشر: ٢٢] ألى أن قال [٤]: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

وقد روى مكحول (٢٨٣) أن رجلًا من المشركين سمع النبي وهو يقول في سجوده: "يا رحمن، رحيم" فقال: إنه يزعم أنه يدعو واحدًا، وهو يدعو اثنين. فأُنزل اللَّه هذه الآية، وكذا روي عن ابن عباس (٢٨٤)، رواهما ابن جرير.

وقوله: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ. . .. ﴾ الآية. قال الإمام أحمد (٢٨٥):


(٢٨٣) - أخرجه الطبري في تفسيره (١٥/ ١٨٢) حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى عيسى عن الأوزاعي، عن محكول به.
(٢٨٤) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٨٢) حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد عن أبي الجوزاء عن ابن عباس فذكره.
(٢٨٥) - أخرجه أحمد (١/ ٢٣، ٢١٥). أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير، باب: " ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ (٤٧٢٢). ومسلم في صحيحه -كتاب الصلاة، باب: التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار إذا خاف من الجهر مفسدة (١٤٥) (٤٤٦). والترمذي =