للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [١] [عن ابن عباس] [٢] (٢٨٢) أيضًا أنه قرأ ﴿فَرَقْنَاهُ﴾ بالتشديد أي: أنزلنا [٣] آية آية، مبينًا مفسرًا؛ ولهذا قال: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ﴾، أي: لتبلغه الناس وتتلوه عليهم، ﴿عَلَى مُكْثٍ﴾، أي: مَهَل، ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ أي: شيئًا بعد شيء.

﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)

يقول تعالى لنبيه محمد : ﴿قُلِ﴾ يا محمد لهؤلاء الكافرين بما [٤] جئتهم به من هذا القرآن العظيم: ﴿آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا﴾، أي: سواء آمنتم به أم لا، فهو حق في نفسه، أنزله اللَّه وَنوّه بذكره في سالف الأزمان في كتبه المتزلة على رسله، ولهذا قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ﴾، أي: من صالي [٥] أهل الكتاب الذين يُمسكون بكتابهم ويقيمونه، ولم يبدلوه ولا حرّفوه، ﴿إِذَا يُتْلَى عَلَيهِمْ﴾ هذا القرآن ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾، جمع ذقن، وهو أسفل الوجه ﴿سُجَّدًا﴾، أي: للَّه ﷿، شكرًا على ما أنعم به عليهم من جعله إياهم أهلًا أن أدركوا هذا الرسول الذي أنزل عليه الكتاب؛ ولهذا يقولون: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا﴾، أي: تعظيمًا وتوقيرًا على قدرته التامة، وأنه لا يخلف الميعاد الذي وعدهم على ألسنة الأنبياء [المتقدمين عن بعثة محمد ؛ ولهذا قالوا: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا [٦]﴾.

وقوله: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾، أي: خضوعًا للَّه ﷿ وإيمانًا


= عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة، قال: "ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرًا" وقرأ (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس … ). وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٣٧١) إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي.
(٢٨٢) - أخرجه الطبري في تفسيره (١٥/ ١٧٨) حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي المالية عن ابن عباس به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٣٧١) إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.