للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (١١)﴾.

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ الينبوع: العين الجارية، سألوه أن يجري لهم عينًا [١] معينًا في أرض الحجاز ها هنا وههنا، وهذا [٢] سهل يسير علي الله تعالى لو شاء [٣] لفعله، ولأجابهم إلى جميع ما سألوا وطلبوا، ولكن علم أنهم لا يهتدون، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيهِمْ كُلَّ شَيءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾.

وقولهم: ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ﴾، أي: إنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه [٤] السماء وتَهِي، وتُدْلي أطرافها، فعجّل ذلك في الدنيا، وأسقطها كسفًا، [أي: قطعًا، كقولهم: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَينَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ … ﴾ الآية. وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَينَا كِسَفًا] [٥] مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ فعاقبهم الرب بعذاب يوم الظلة، أنه كان عذاب يوم عظيم، وأما نبيّ الرحمة ونبيّ التوبة المبعوث رحمة للعالمين فسأل إنظارهم وتأجيلهم لعل الله أن [٦] يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا، وكذلك وقع؛ فإن من هؤلاء الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، حتى عبد الله بن أبي [٧] أمية الذي تبع النبي وقال له ما قال، أسلم إسلامًا تامًّا، وأناب إلى الله ﷿.

[وقوله تعالى] [٨]: ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: هو الذهب، وكذلك هو في قراءة ابن مسعود: (أو يكون لك بيت من ذهب) ﴿أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ﴾، أي: تصعد في سلم ونحن ننظر إليك، ﴿وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَينَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾، قال مجاهد: أي: مكتوب فيه إلي كل واحد واحد صحيفة: هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، تصبح موضوعة عند رأسه.

وقوله: ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إلا بَشَرًا رَسُولًا﴾ أي: وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه في أمر من أمور سلطانه وملكوته؛ بل هو الفعال لما يشاء، إن شاء أجابكم إلي ما سألتم، وإن شاء لم يجبكم، وما أنا إلا رسول إليكم، أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم، وقد فعلت ذلك، وأمركم فيما سألتم إلي الله ﷿.


[١]- في خ: "عيونا".
[٢]- في ت: وذلك.
[٣]- سقط من: خ.
[٤]- سقط من: ز.
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: ر، خ.
[٦]- سقط من: ر.
[٧]- سقط من: ز، خ.
[٨]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.