للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم تسليمًا.

فقالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك، فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلادًا، ولا أقل مالًا، ولا أشد عيشًا منا، فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك له فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضَيّقت علينا، ولْيبسط لنا بلادنا، ولْيفَجَر [١] فيها أنهارًا كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا مَن مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا منهم [٢]: قصيّ بن كلاب، فإنه كان شيخًا صدوقًا، فنسألهم [٣] عما تقول حق هو أم [٤] باطل، فإن صنعت ما سألناك وصدّقوك صدقناك، وعرفنا به [٥]، منزلتك عند الله، وأنه بعثك رسولا كما تقول!.

فقال لهم رسول الله : "ما بهذا بعثت! إنما جعكم من عند الله بما بعثني به، فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم [٦]، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخر، وإن تردّوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم".

قالوا: فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فاسأل ربك أن يبعث ملكًا يصدقك بما تقول [٧]، ويراجعنا عنك، وتسأله فيجعل لك جنانًا وكنوزًا وقصورًا من ذهب وفضة، ويغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولًا كما تزعم.

فقال لهم رسول الله : "ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيرًا نذيرًا، فإن تقبلوا ما جئتكم به لهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم".

قالوا: فأسقط السماء كما زعمت أن ربك أن شاء فعل ذلك [٨]، فإنّا لن نؤمن لك ألا أن تفعل. فقال لهم رسول الله : "ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك".

فقالوا: يا محمد، أما [٩] علم ربك أنا سنجلس معك، ونسألك عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك ويعلمك [ما تراجعنا [١٠] به، ويخبرك ما هو صانع


[١]- في ز، خ: "وليجر".
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في ز، خ: "لنسألهم".
[٤]- في خ: "أو".
[٥]- سقط من: ز.
[٦]- سقط من: ز، خ.
[٧]- في خ: "يقول".
[٨]- سقط من: خ.
[٩]- في ز: "لما".
[١٠]- في خ: "ما يراجعنا".