للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى يوم القيامة.

وهذا أثر غريب عجيب، والله أعلم.

وقال السهيلي: روي عن علي أنه قال: هو ملك له مائة ألف رأس، لكل رأس مائة ألف وجه، في كل وجه مائة ألف فم، في كل فم مائة ألف لسان، يسبح الله تعالى بلغات مختلفة.

قال السهيلي: وقيل: المراد بذلك طائفة من الملائكة على صور بني آدم.

[وقيل: طائفة يرون الملائكة ولا تراهم، فهم للملائكة كالملائكة لبنى آدم] [١].

وقوله: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾، أي: من شأنه، ومما استأثر بعلمه دونكم؛ ولهذا قال: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾ أي: وما أطلعكم من علمه إلَّا على القليل، فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء .

[والمعنى: أن علمكم في علم الله قليل، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه، كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من علمه تعالى] [٢] وسيأتي إن شاء الله في قصة موسى والخَضْر أن الخضر نظر إلى عصفور وقع على حافة السفينة، فنقر في البحر نقرة -أي: شرب منه بمنقاره- فقال: يا موسى، ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر. أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا قال : ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾.

وقال السهيلي: قال بعض الناس: لم يجبهم عما سألوا؛ لأنهم سألوا على وجه التعنت. وقيل: أجابهم. وعوّل السهيلي على أن المراد بقوله: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾. أي: من شرعه، أي: فادخلوا فيه، وقد علمتم ذلك؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة هذا من طبع ولا فلسفة، وإنما يُنَال من جهة الشرع. وفي هذا المسلك الذي طرقه وسلكه نظر، والله أعلم.

ثم ذكر السهيلي الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر أنها ذات لطيفة كالهواء، سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وقرر أن الروح التي ينفخها الملك في الجنين هي النفس، بشرط اتصالها بالبدن، واكتسابها بسببه صفات مدح أو ذم، فهي إما نفس مطمئنة، أو أمارة بالسوء. قال: كما أن الماء هو حياة الشجر، ثم يُكسَب بسبب اختلاطه معها اسمًا خاصًّا؛ فإذا اتصل بالعنبة وعصر منها صار إمّا مُصْطارًا أو


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.