للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾.

وقد روى ابن جرير (٢٦٦)، عن محمَّد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن داود، عن عكرمة، قال: سأل أهل الكتاب رسول الله عن الروح، فأنزل الله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾. [فقالوا: يزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلًا] [١]، وقد أوتينا التوراة، وهي الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا. قال: فنزلت: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾، قال: ما أوتيتم من علم [٢] فنجاكم الله به من النار فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل.

وقال محمَّد بن إسحاق (٢٦٧)، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت بمكة ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾، [فلما هاجر رسول الله إلى المدينة أتاه أحبار يهود، فقالوا [٣]: يا محمَّد، ألم يبلغنا عنك أنك تقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾ [٤] أفَعَنَيتنَا أم عنيت قومك؟ فقال: "كُلًّا قد عنيت". قالوا: إنك تتلو أنَّا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء؟ فقال رسول الله : "هي في علم الله قليل، وقد آتاكم ما إن عملتم به استقمتم". وأنزل الله: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧)﴾ وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح ها هنا على أقوال: أحدها: أن المراد أرواح بني آدم.

قال العوفي (٢٦٨): عن ابن عباس في قوله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ﴾ الآية: وذلك أن اليهود قالوا للنبي : أخبرنا عن الروح، وكيف تعذب الروح التي في الجسد، وإنما الروح من الله، ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فلم يحر إليهم شيئًا، فأتاه جبريل فقال له: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾، فأخبرهم النبي بذلك، فقالوا: من جاءك بهذا؟ فقال: جاءني به جبريل من عند الله. فقالوا له: والله ما قاله لك إلا عدو لنا. فأنزل الله: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا


(٢٦٦) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٥٥).
(٢٦٧) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٥٧) حدثني ابن حميد، قال: ثنا سلمة قال: ثنا محمَّد بن إسحاق به.
(٢٦٨) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٦٥). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (١/ ٣٦٤) إلى ابن مردويه.