للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش به، ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية (٢٦٤): عن عبد الله بن مسعود؛ قال: بينا أنا أمشي [١] مع النبي في حرث وهو متوكئ [٢] على عسيب إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح فقال [٣]: ما رابكم إليه. وقال بعضهم: لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه. فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي فلم يرد عليه شيئًا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي … ﴾.

وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادى الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنها إنما أنزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية، وقد يجاب عن هذا بأنه قد يكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه وحي بأنه يجيبهم عكما سألوه [٤] بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ ومما يدل على نزول هذه الآية] [٥] بمكة ما [٦] قال الإمام أحمد (٢٦٥):

حدثنا قتيبة، حدثنا يحيى بن زكريا، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل. فقالوا: سلوه عن الروح. فسألوه، فنزلت: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ [٧] رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾. قالوا: أوتينا علمًا كثيرًا، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا قال: وأنزل الله: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ

yyy


(٢٦٤) - أخرجه البخاري في التفسير (٤٧٢١) (٨/ ٤٠١) حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش به.
(٢٦٥) - أخرجه أحمد (١/ ٢٥٥). والترمذي -كتاب تفسير القرآن، كتاب: ومن سورة بني إسرائيل (٣١٤٠) (٥/ ٢٨٤). والنسائي في الكبرى -كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي﴾ (١١٣/ ٤) (٦/ ٣٩٢ - ٣٩٣) من طريق قتيبة بن سعيد به. وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٢٥٠١) (٤/ ٣٨٠ - ٣٨١). وعنه ابن حبان في صحيحه (٩٩) (١/ ٣٠١). وأبو الشيخ في العظمة (٤٠٣) (٣/ ٨٦٣). والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٣١). من طريقين عن ابن أبي زائدة به. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي وهو كما قالا.