وقوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾، قال ابن عباس: على [١] ناحيته. وقال مجاهد: على [٢] حدثه وطبيعته. وقال قتادة: على نيته. وقال ابن زيد: دينه.
وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى، وهذه الآية -والله أعلم- تهديد للمشركين ووعيد لهم، كقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾؛ ولهذا قال: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا﴾ أي: منا ومنكم، وسيجزي كل عامل بعمله، فإنه لا تخفى [٣] عليه خافية.
قال الإمام أحمد (٢٦٣): حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله -هو ابن مسعود ﵁ قال: كنت أمشي مع النبي ﷺ في حرث في المدينة، وهو متوكئ [٤][على عسيب][٥]، فمر بقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقال بعضهم: لا تسألوه. قال: فسألوه عن الروح فقالوا: يا محمَّد! ما الروح؟ فما زال متوكئًا على العسيب، قال: فظنت أنه يوحى إليه، فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا (٨٥)﴾ فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم: لا تسألوه.
(٢٦٣) - أخرجه أحمد (١/ ٤٤٤ - ٤٤٥) وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العلم، باب: قول الله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا﴾ (١٢٥). ومسلم في صحيحه -كتاب صفات المنافقين وأحكامهم -كتاب: سؤال اليهود النبي ﷺ عن الروح (٣٢) (٢٧٩٤). والترمذي كتاب تفسير القرآن، كتاب: ومن سورة بني إسرائيل (٣١٤١). والنسائي في الكبرى -كتاب التفسير، كتاب: قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ (١١٢٩٩).