للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعاليت، سبحانك رب البيت. فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله ﷿.

ثم رواه عن بندار عن غندر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، به. وكذا رواه عبد الرزاق (٢٤٠) عن معمر، والثوري عن أبي إسحاق به. وقال ابن عباس: هذا المقام المحمود مقام الشفاعة. وكذا قال ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وقاله الحسن البصري.

وقال قتادة: هو أول من تنشق عنه الأرض [يوم القيامة] [١]، وأول شافع، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾.

قلت: لرسول الله، تسليمًا، تشريفاتٌ لا يشركه فيها أحد، وتشريفات لا يساويه فيها أحد؛ فهو أول من تنشق عنه الأرض، ويبعث راكبًا إلى المحشر، وله اللواء الذي آدم فمن دونه تحت لوائه، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردًا منه، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق، وذلك بعد ما يسأل الناس آدم، ثم نوحًا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، فكل يقول: لست لها. حتى يأتوا إلى محمد فيقول: "أنا لها أنا لها"، كما سنذكر ذلك مفصلًا في هذا الموضع إن شاء الله تعالى. ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار فيردون عنها، وهو أرل الأنبياء يقضى بين أمته، وأولهم إجازة على الصراط بأمته، وهو أول شفيع في الجنة كما ثبت في صحيح مسلم (٢٤١).

وفي حديث الصور: أن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته، وهو أول داخل إليها، وأمته قبل الأمم كلهم، ويشفع في رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم، وهو


= المختار - المتقدمة. "إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو وإن كان موقوفًا، فإنه في حكم المرفوع، لأنه لا يقال مثله بالرأي".
(٢٤٠) - " التفسير" لعبد الرزاق (٢/ ٣٨٧) وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢٤٧٤) (١٢/ ٦١ - ٦٢). من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار الهذلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره، وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٥٤): "رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف إذا لم يتابع، وعطاء بن دينار قيل: لم يسمع من سعيد بن جبير". وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٤٤) من طريق رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس ذكره. ورشدين ضعيف كما في التقريب. وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٣٥٦) إلى ابن مردويه.
(٢٤١) - أخرجه مسلم في صحيحه -كتاب الإيمان، باب: في قول النبي "أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعًا" (٣٣٢) (١٩٦) (٢/ ٨٩) من حديث أنس بن مالك.