للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أبي رجاء، عن ابن عباس موقوفًا (١١٢).

﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦)

اختلف القراء في قراءة قوله: ﴿أَمَرْنَا﴾، فالمشهور قراءة التخفيف، واختلف المفسرون في معناها، فقيل: معناه: أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرًا قدريًّا، كقوله تعالى: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيلًا أَوْ نَهَارًا﴾؛ فإن اللَّه لا يأمر بالفحشاء، قالوا: معناه أنه سخرهم إلي فعل الفواحش فاستحقوا العذاب.

وقيل: معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش؛ فاستحقوا العقوبة. رواه ابن جريج [١] عن ابن عباس، وقاله سعيد بن جبير أيضًا.

وقال ابن جرير: وقد [٢] يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء. قلت [٣]: إنما يجيء على قراءة من قرأ ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ قال علي بن أبي [٤] طلحة عن ابن عباس قوله: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ يقول: سلطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك [أهلكهم الله] [٥] بالعذاب، وهو قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ … الآية، وكذا قال أبو العالية، ومجاهد والربيع بن أنس.

وقال العوفي عن ابن عباس: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ يقول: أكثرنا عددهم [٦]، وكذا قال عكرمة، والحسن، والضحاك، وقتادة. وعن مالك عن الزهري ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ أكثرنا، وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه الإِمام أحمد (١١٣)، حيث قال: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو نعامة العدوي عن مسلم بن بديل، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، عن النبي قال: "خير مال امرئ له مهرة مأمورة، أو سِكَّة مأبورة [٧] " قال الإِمام أبو عبيد القاسم بن


(١١٢) - أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (٧٠٣). واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (١١٢٧) (٤/ ٦٣١). من طريق جرير بن حازم عن أبي رجاء عن ابن عباس موقوفًا عليه.
(١١٣) - أحمد - (٣/ ٤٦٨). وأخرجه الطبراني في الكبير - (٦٤٠٧، ٦٤٧١) (٧/ ١٠٧) والبخاري=