للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فإذا تقرر هذا، فقد اختلف الناس في ولدان المشركين على أقوال؛ أحدهما: أنهم في الجنة، واحتجوا بحديث سمرة: أنه رأى مع إبراهيم [] [١] أولاد المسلمين وأولاد [٢] المشركين، وبما تقدم في رواية أحمد عن حسناء [٣] عن عمها: أن رسول الله قال: "والمولود في الجنة"، وهذا استدلال صحيح، ولكن أحاديث الامتحان أخص منه، فمن علم الله منه أنه يطيع جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا علي الفطرة، ومن علم منه أنه لا يجيب فأمره إلي الله تعالى، ويوم القيامة يكون في النار كما دلت عليه أحاديث الامتحان، ونقله الأشعري عن أهل السنة، ثم إن [٤] هؤلاء القائلين بأنهم في الجنة منهم [٥] من يجعلهم مستقلين فيها، ومنهم من يجعلهم خدمًا لهم، كما جاء في حديث علي بن زيد عن أنس عند أبي داود الطيالسي (١٠٠). وهو ضعيف، والله أعلم.

و [٦] القول الثاني: أنهم مع آبائهم في النار، واستدل عليه [بما رواه] [٧] الإمام أحمد بن حنبل (١٠١)، عن أبي المغيرة، حدثنا عتبة بن ضمرة بن حبيب، حدثني عبد الله بن أبي قيس -مولى غطيف- أنه أتى عائشة فسألها عن ذراري الكفار، فقالت [٨]: قال رسول الله : "هم تبع لآبائهم". فقلت: يا رسول الله ، بلا عمل؟


(١٠٠) - لم أجده عند الطيالسي من هذه الطريق وإنما أخرجه في مسنده (٢١١١) حدثنا الربيع عن يزيد قال: قلنا لأنس يا أبا حمزة ما تقول في أطفال المشركين فقال: قال رسول الله : "لم تكن لهم سيئات فيعاقبوا بها فيكونوا من أهل النار ولم تكن لهم حسنات فيجازوا بها فيكونوا من ملوك أهل الجنة هم خدم أهل الجنة" وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣٠٨) من طريق الربيع بن صبيح به والربيع صدوق سئ الحفظ كما في التقريب. وقد ضعف الحافظ في "الفتح" حديث أنس وأخرجه أبو يعلى (٧/ ١٣٠ - ١٣١) وتمام في فوائده (٥/ ١٧٨٢ الروض البسام) من طريق الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعًا بلفظ "الوالدن والأطفال خدم أهل الجنة" وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٥٣٥٥) - (٥/ ٢٩٤)، والبزار في مسنده -كما في مختصر الزوائد - (١٦٢٠) (٢/ ١٦٢) وذكره ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١١٨). من طريق مبارك بن فضالة عن علي بن زيد عن أنس فذكره. والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٢٢٢) وقال: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط … وفي إسناد أبي يعلى يزيد الرقاشي وهو ضعيف، وقال فيه ابن معين: رجل صدوق، ووثقه ابن عدي، وبقية رجاله رجال الصحيح".
(١٠١) - أخرجه أحمد - (٦/ ٨٤) وانظر ما بعده.