للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسجدون لله يوم القيامة (٩٧)، وأما المنافق فلا يستطِيع ذلك ويعود طهره [] [١] طبقًا واحدًا [٢] كلما أراد السجود [٣] خرَّ لقفاه. وفي الصحيحين (٩٨) في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجًا منها؛ أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه أن لا يسأل غير ما هو فيه، ويتكرر ذلك مرارًا، ويقول الله تعالى: يا بن آدم، ما أغدرك! ثم يأذن له في دخول الجنة.

وأما قوله: وكيف يكلفهم دخول النار وليس ذلك في وسعهم؟ فليس هذا بمانع من صحة الحديث؛ فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز علي الصراط، وهو جسر علي جهنم، أحدّ من السيف وأدق من الشعرة، ويمر المؤمنون عليه بحسب أعمالهم كالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، ومنهم [٤] الساعي، ومنهم الماشي، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المكدوش على وجهه في النار وليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا؛ بل هذا أطم وأعظم، وأيضًا فقد ثبتت السنة بأن الدجال يكون معه جنة ونار، وقد أمر الشارع المؤمنين الذين يدركونه أن يشرب أحدهم من الذي يرى أنه نار؛ فإنه يكون عليه بردًا وسلامًا (٩٩)، فهذا نظير ذلك، وأيضًا فإن الله تعالى أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم، فقتل بعضهم بعضًا حتى قتلوا -فيما قيل- في غداة واحدة سبعين ألفًا، يقتل الرجل أباه وأخاه وهم في [٥] عماية [٦] غمامة أرسلها الله عليهم، وذلك عقوبة لهم علي عبادتهم العجل، وهذا أيضًا شاق علي النفوس جدًّا لا يتقاصر عما ورد في الحديث المذكور، والله أعلم.


(٩٧) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير، باب: "يوم يكشف عن ساق" (٤٩١٩). ومسلم في صحيحه -كتاب الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية (٣٠٢) (١٨٣) مطولًا مختصرًا. من حديث أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي يقول: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاءً وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهوه طبقًا واحدًا".
(٩٨) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأذان، باب: فضل السجود - (٨٠٦). ومسلم في صحيحه -باب الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية - (٢٩٩) - (١٨٢) من حديث أبي هريرة مطولًا.
(٩٩) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (٣٤٥٠). ومسلم في صحيحه -كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه (١٠٧) - (٢٩٣٤/ ٢٩٣٥). من حديث- حذيفة أنه سمع رسول الله يقول "إن مع الدجال، إذا خرج، ماءً ونارًا، فأما الذي يرى الناس أنها النار، فماء بارد، وأما الذي يرى الناس أنه ماء بارد، فنار تحرق، فمن أدرك منكم، فليقع في الذي يرى أنها نار فإنه عذب بارد".