للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم: "تحاجت الجنَّة والنار" فذكر الحديث إلى أن قال: "فأما النار فلا تمتلئ حتَّى يضع فيها قدمه، فيقول: قط قط: فهنا لك تمتلئ ويُزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأما الجنَّة فينشئ الله لها خلقًا".

بقي هاهنا مسألة قد اختلف الأئمة -رحمهم الله تعالى - فيها قديمًا وحديثًا، وهي: الولدان الذين ماتوا وهم صغار وآباؤهم كفار ماذا حكمهم؟ وكذا المجنون والأصم والشيخ الخرف، ومن مات في الفترة و [١] لم تبلغه الدعوة؟، وقد ورد في شأنهم أحاديث أنا ذاكرها لك بعون الله وتوفيقه، ثم نذكر فصلًا ملخصًا من كلام الأئمة في هذا والله [٢] المستعان.

فالحديث الأول: عن الأسود بن سريع: قال الإِمام أحمد (٧٧):

حدَّثنا عليّ بن عبد الله، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدَّثنا أبي، عن قَتَادة، عن الأحنف بن قيس، عن الأسود بن سريع: أن نبي الله قال: "أربعة يحتجون يِوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فَتْرة؛ فأما الأصم فيقول: رب، قد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا. وأما الأحمق فيقول: رب، لقد جاء الإسلام والصبيان يَحْذفوني [٣] بالبعر. وأما الهرم فيقول: رب، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا. وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب، ما أتاني لك رسول. ليأخذ مواثيقهم: ليطيعنه. فيرسل إليهم: أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده، لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا" وبالإِسناد: عن قَتَادة، عن الحسن، [عن أبي رافع] [٤]، عن أبي هريرة (٧٨): مثل هذا الحديث غير أنَّه قال في آخره: "من دخلها


= حدَّثنا عبد الله بن محمد. ومسلم في صحيحه كتاب الجنَّة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، الجنَّة يدخلها الضعفاء (٣٦) (٢٨٤٦) حدَّثنا محمد بن رافع (عبد الله، محمد) حدَّثنا عبد الرزاق به.
(٧٧) - أخرجه أحمد - (٤/ ٢٤). وأخرجه الطبراني في الكبير - (٨٤١) - (١/ ٢٨٧). وابن حبان في صحيحه - (٧٣٥٧) - (١٦/ ٣٥٦ - ٣٥٧) وفي الموارد - (١٨٢٧) - (٦/ ٦٧ - ٦٨). أَبو نعيم في "معرفة الصحابة" - (٩٠٠) (٢/ ٢٨١) والبيهقي في الاعتقاد (ص ١٦٩). والبزار في مسنده - (٢١٧٤). من طريق معاذ بن هشام به وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أَبو نعيم في "أخبار أصفهان" - (٢/ ٢٥٥) من طريق معاذ بن هشام حدَّثنا أبي، عن قتادة عن الأسود به، حيث سقط من إسناده الأحنف بن قيس. وذكره الهيثمي في "المجمع" - (٧/ ٢١٨ - ٢١٩) وقال: " … رجال أحمد في طريق الأسود بن سريع وأبي هريرة (يأتي) رجال الصحيح، وكذا رجال البزار فيهما" وحديث الأسود عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣٠٥) إلى إسحاق بن راهويه وابن مردويه.
(٧٨) - أخرجه أحمد (٤/ ٢٤). والبيهقي في "الاعتقاد" (ص ١٦٩). والبزار في مسنده - (٢١٧٥) (٣ /